اعملوا عملكم ، وخرج علينا الأسود في جمع ، فقمنا له ، وبالباب مائة بقرة وبعير فنحرها (١) ، ثم قال : أحقّ ما بلغني عنك يا فيروز؟ لقد هممت بقتلك ، فقال : اخترتنا لصهرك وفضّلتنا على الأبناء ، وقد جمع لنا (٢) أمر آخرة ودنيا ، فلا تقبلن (٣) علينا أمثال ما يبلغك. فقال : اقسم هذه ، فجعلت آمر للرهط بالجزور (٤) ، ثم اجتمع بالمرأة فقالت : هو متحرّز ، والحرس محيطون بالقصر سوى هذا الباب فانقبوا عليه ، وهيّأت لنا سراجا ، وخرجت ، فتلقّاني الأسود خارجا من القصر فقال : ما أدخلك؟ ووجأ رأسي فسقطت ، فصاحت المرأة وقالت : ابن عمّي زارني ، فقال : اسكتي لا أبا لك فقد وهبته لك ، فأتيت أصحابي وقلت : النّجاء ، وأخبرتهم الخبر ، فأنا على ذلك إذ جاءني رسولها : لا تدعن ما فارقتك عليه. فقلنا لفيروز : ائتها وأتقن أمرنا ، وجئنا بالليل ودخلنا ، فإذا سراج تحت جفنة ، فاتّقيا بفيروز ، وكان أنجدنا ، فلمّا دنا من البيت سمع غطيطا شديدا ، وإذا المرأة جالسة. فلمّا قام فيروز على الباب أجلس الأسود شيطانه وكلّمه فقال أيضا : فما لي ولك يا فيروز ، فخشي إن رجع أن يهلك هو والمرأة ، فعاجله وخالطه وهو مثل الجمل ، فأخذ برأسه فدقّ عنقه وقتله ، ثم قام ليخرج فأخذت المرأة بثوبه تناشده ، فقال : أخبر أصحابي بقتله ، فأتانا فقمنا معه ، فأردنا حزّ رأسه فحرّكه (٥) الشيطان واضطرب ، فلم يضبطه فقال : اجلسوا على صدره ، فجلس اثنان وأخذت المرأة بشعره ، وسمعنا بربرة (٦) فألجمته بملاءة (٧) ،
__________________
(١) في نسخة (ح) «فنحرناها».
(٢) في تاريخ الطبري «اجتمع لنابك».
(٣) في طبعة القدسي ٣ / ١٢ «نقبلن» بالنون في أولها ، والتصحيح من تاريخ الطبري.
(٤) زاد في تاريخ الطبري ٣ / ٢٣٣ : «ولأهل البيت بالبقرة».
(٥) في ح (فحرله) وهو تصحيف.
(٦) أي صياحا.
(٧) هكذا في الأصل ، وعند الطبري ٣ / ٢٣٥ «مئلاة». وهي الخرقة التي تمسكها المرأة عند النوح تشير بها.