وأمرّ الشّفرة على حلقه ، فخار كأشدّ خوار ثور ، فابتدر الحرس الباب : ما هذا ما هذا؟ قالت : النّبيّ يوحى إليه ، قال : وسمرنا ليلتنا كيف نخبر أشياعنا ، فأجمعنا على النّداء بشعارنا ثم بالأذان ، فلما طلع الفجر نادى داذويه بالشعار ، ففزع المسلمون والكافرون ، واجتمع الحرس فأحاطوا بنا ، ثم ناديت بالأذان ، وتوافت خيولهم إلى الحرس ، فناديتهم : أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، وأنّ عبهلة كذّاب ، وألقينا إليهم الرأس ، وأقام وبر الصّلاة ، وشنّها القوم غارة ، ونادينا : يا أهل صنعاء من دخل عليه داخل فتعلّقوا به ، فكثر النّهب والسّبي ، وخلصت صنعاء والجند ، وأعزّ الله الإسلام ، وتنافسنا الإمارة ، وتراجع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاصطلحنا على معاذ بن جبل ، فكان يصلّي بنا ، وكتبنا إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم الخبر فقدمت رسلنا ، وقد قبض النّبيّ صلىاللهعليهوسلم صبيحتئذ فأجابنا أبو بكر عنه.
وروى الواقديّ عن رجاله قال : بعث أبو بكر قيس بن مكشوح (١) إلى اليمن ، فقتل الأسود العنسيّ ، هو وفيروز الدّيلميّ. ولقيس هذا أخبار ، وقد ارتدّ ، ثم أسره المسلمون فعفا عنه أبو بكر ، وقتل مع عليّ بصفّين.
جيش أسامة بن زيد
قال هشام بن عروة ، عن أبيه قال : جعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول في مرضه : «أنفذوا جيش أسامة ، فسار حتى بلغ الجرف ، فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس تقول : لا تعجل فإنّ رسول الله ثقيل (٢) ، فلمّا يبرح حتى قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا قبض رجع إلى أبي بكر فقال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثني وأنا على غير حالكم هذه ، وأنا اتخوّف أن تكفر العرب ، وإن كفرت كانوا أوّل من يقاتل ، وإن لم تكفر مضيت ، فإنّ معي سروات النّاس
__________________
(١) هو قيس بن هبيرة المكشوح المرادي. سمّي بالمكشوح لأنه كوي على كشحة من داء كان به.
(فتوح البلدان ١ / ١٢٦).
(٢) هكذا في الأصل ، ونسخة (ح) ، وطبقات ابن سعد ٤ / ٦٧ ، وفي نسخة دار الكتب «يعتل».