وخيارهم ، قال : فخطب أبو بكر النّاس ، ثم قال : والله لأن تخطفني الطّير أحبّ اليّ من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : فبعثه أبو بكر ، واستأذن لعمر أن يتركه عنده ، وأمر أن لا (١) يجزر في القوم ، أن يقطع الأيدي ، والأرجل والأوساط في القتال ، قال : فمضى حتى أغار ، ثم رجعوا وقد غنموا وسلموا.
فكان عمر يقول : ما كنت لأحيّي (٢) أحدا بالإمارة غير أسامة ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبض وهو أمير ، قال : فسار ، فلمّا دنوا من الشّام أصابتهم ضبابة شديدة فسترتهم ، حتى أغاروا وأصابوا حاجتهم ، قال : فقدم بنعي رسول الله صلىاللهعليهوسلم على هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبرا واحدا ، فقالت الروم : ما بال هؤلاء يموت صاحبها ثمّ أغاروا على أرضنا (٣).
وعن الزهري قال : سار أسامة في ربيع الأول حتى بلغ أرض الشام وانصرف ، فكان مسيره ذاهبا وقافلا أربعين يوما (٤).
وقيل كان ابن عشرين سنة (٥).
وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال : فلمّا فرغوا من البيعة ، واطمأنّ النّاس قال أبو بكر لأسامة بن زيد : امض لوجهك. فكلّمه رجال من المهاجرين والأنصار وقالوا : أمسك أسامة وبعثه فإنّا نخشى أن تميل علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : أنا أحبس جيشا بعثهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم! لقد اجترأت على أمر عظيم ، والّذي نفسي بيده لأن تميل عليّ العرب أحبّ إليّ من أن أحبس جيشا بعثهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، امض يا
__________________
(١) «لا» في الأصل وغيره ، وساقطة من نسخة (ح) ، وليست في طبقات ابن سعد ٤٠ / ٦٧.
(٢) في طبقات ابن سعد «لأجيء» وهو تصحيف.
(٣) طبقات ابن سعد ٤ / ٦٧ ، ٦٨ وفيه : «ما بالي هؤلاء بموت صاحبهم أن أغاروا على أرضنا» ، وانظر تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ٣٩٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٥٠٣ ، وتاريخ خليفة ـ ص ١٠٠.
(٤) تاريخ خليفة بن خيّاط ١٠١ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٢٢٧.
(٥) وقيل : ابن ثماني عشرة سنة. (طبقات ابن سعد ٤ / ٦٦).