وقال حسّان بن عطيّة : بلغ عمر أنّ سعيد بن عامر ـ وكان قد استعمله على بعض الشّام يعني حمص ـ أصابته حاجة فأرسل اليه ألف دينار ، فقال لزوجته : ألا نعطي هذا المال لمن يتّجر لنا فيه؟ قالت : نعم ، فخرج فتصدّق به ، وذكر الحديث (١).
وروى يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن سابط قال : أرسل عمر إلى سعيد بن عامر : إنّا مستعملوك على هؤلاء تسير بهم إلى أرض العدو فتجاهد بهم ، فقال : يا عمر لا تفتنّي. قال : والله لا أدعكم ، جعلتموها في عنقي ثمّ تخلّيتم عنّي ، إنّما أبعثك على قوم لست بأفضلهم (٢).
__________________
(١) أخرجه أبو نعيم بطوله في حلية الأولياء ١ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ عن محمد بن معمر ، عن أبي شعيب الحرّاني ، عن يحيى بن عبد الله الحرّاني ، عن الأوزاعي ، عن حسّان بن عطيّة قال : لما عزل عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه معاوية عن الشام ، بعث سعيد بن عامر بن حذيم الجمحيّ قال : فخرج معه بجارية من قريش نضيرة الوجه ، فما لبث يسيرا حتى أصابته حاجة شديدة ، قال : فبلغ ذلك عمر ، فبعث إليه بألف دينار ، قال : فدخل بها على امرأته فقال : إنّ عمر بعث إلينا بما ترين. فقالت : لو أنك اشتريت لنا أدما وطعاما وادّخرت سائرها. فقال لها : أو لا أدلّك على أفضل من ذلك ، نعطي هذا المال من يتّجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانها عليه؟ قالت : فنعم! إذا ، فاشتري أدما وطعاما واشتري بعيرين وغلامين يمتاران عليهما حوائجهم وفرّقها في المساكين وأهل الحاجة ، قال : فما لبث إلّا يسيرا حتى قالت له امرأته إنّه نفذ كذا وكذا فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه ، قال : فسكت عنها ، قال : ثم عاودته ، قال : فسكت عنها حتى آذته ولم يكن يدخل بيته إلّا من ليل إلى ليل ، قال : وكان رجل من أهل بيته ممن يدخل بدخول ، فقال لها : ما تصنعين إنّك قد آذيتيه وإنّه قد تصدّق بذلك المال ، قال : فبكت أسفا على ذلك المال ، ثم إنّه دخل عليها يوما فقال : على رسلك ، إنّه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحبّ أنّي صددت عنهم وأنّ لي الدنيا وما فيها ، ولو أنّ خيرة من خيرات الحسان اطّلعت من السماء لأضاءت لأهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ولنصيف تكسى خير من الدنيا وما فيها. فلأنت أحرى في نفسي أن أدعك لهنّ من أن أدعهنّ لك ، قال : فسمحت ورضيت. وانظر : صفة الصفوة ١ / ٦٦٢ ، ٦٦٣ والنصيف الخمار. وانظر : تهذيب تاريخ دمشق ١ / ١٤٧.
(٢) حلية الأولياء ١ / ٢٤٧ ، صفة الصفوة ١ / ٦٦٠ ، ٦٦١ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ١٤٧ ، الإصابة ٢ / ٤٩.