فأقبل عبد الرحمن على الرسول وقال : ما حال السّدّ (١) وما شبهه؟ فقال : مثل هذا الثوب الّذي على مطر ، فقال مطر : صدق والله الرجل لقد بعد (٢) ورأى ووصف صفة الحديد والصّفر.
فقال عبد الرحمن لشهريران : كم كانت قيمة هاتيك (٣)؟ قال : مائة ألف في بلادي هذه ، وثلاثة آلاف ألف في تلك البلدان.
وحدّث سلام التّرجمان قال : لمّا رأى الواثق بالله كأنّ السّدّ الّذي بناه ذو القرنين قد فتح وجّهني وقال لي : عاينه وجئني بخبره ، وضمّ إليّ خمسين رجلا ، وزوّدنا ، وأعطانا مائتي بغل تحمل الزّاد ، فشخصنا من سامرّاء بكتابه إلى إسحاق (٤) وهو بتفليس (٥) ، فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير ، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك اللّان ، وكتب لنا ملك اللّان إلى فيلان شاه (٦) ، وكتب لنا إلى ملك الخزر ، فوجّه معنا خمسة أدلّاء ، فسرنا من عنده ستة وعشرين يوما ، ثم صرنا إلى أرض سوداء منتنة ، فكنّا نشتمّ الخلّ (٧) ، فسرنا فيها عشرة أيام ، ثمّ صرنا إلى مدائن خراب ليس فيها أحد ، فسرنا فيها سبعة وعشرين يوما ، فسألنا الأدلّاء عن تلك المدن فقالوا : هي التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثم صرنا إلى حصون عند السّدّ
__________________
(١) في تاريخ الطبري ٤ / ١٦٠ «الردم».
(٢) في تاريخ الطبري (نفذ) بدل (بعد).
(٣) هكذا في ح والأصل ومنتقى أحمد الثالث. وفي نسخة دار الكتب وتاريخ الطبري (هديتك).
(٤) في «المسالك والممالك» لابن خرداذبه ـ ص ١٦٣ «إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية».
(٥) تفليس : بفتح أوّله ويكسر : بلد بأرمينية الأولى ، وبعض يقول بأرّان ، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب. (معجم البلدان ٢ / ٣٥).
(٦) في نسخة دار الكتب : «قبلان شاه» ، والتصحيح من الأصل ، والمسالك والممالك ، ونهاية الأرب للنويري.
(٧) في «المسالك والممالك» : «وكنّا قد تزوّدنا قبل دخولها خلّا نشمّه من الرائحة المنكرة». وانظر نهاية الأرب ١ / ٣٧٥.