وقلنا : لنا ما سمّى الله من حقّ ذي القربى ، وهو خمس (١) الخمس ، فقال عمر : ليس لكم ما تدّعون أنّه لكم حقّ ، إنّما جعل الله الخمس لأصناف سمّاهم ، فأسعدهم فيه حظا أشدّهم فاقة وأكثرهم عيالا ، قال : فكان عمر يعطي من قبل منّا من الخمس والفيء نحو ما يرى أنّه لنا ، فأخذ ذلك منّا ناس وتركه ناس.
وذكر الزّهري أنّ مالك بن أوس بن الحدثان النّصريّ (٢) قال : كنت عند عمر ، فقال لي : يا مالك إنّه قدم علينا من قومك أهل أبيات وقد أمرت فيهم برضخ فاقسمه بينهم ، قلت : لو أمرت به غيري ، قال : أقبضه أيّها المرء ، قال : وأتاه حاجبه يرفأ (٣) فقال : هل لك في عثمان ، والزّبير ، وعبد الرحمن ، وسعد يستأذنون؟ قال : نعم ، فدخلوا وسلّموا وجلسوا ، ثم لبث يرفأ قليلا ، ثم قال لعمر : هل لك في عليّ والعبّاس؟ قال : نعم ، فلمّا دخلا سلّما فجلسا ، فقال عبّاس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الظّالم الفاجر الغادر الخائن ، فاستبّا ، فقال عثمان وغيره : يا أمير المؤمنين أقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر ، فقال : أنشدكما بالله هل تعلمان أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «: لا نورث ما تركنا صدقة»؟ قالا : قد قال ذلك ، قال : فإنّي أحدّثكم عن هذا الأمر : إنّ الله كان قد خصّ رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره ، فقال تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) (٤) ، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم والله ما احتازها (٥) دونكم ولا استأثر
__________________
(١) (خمس) ساقطة من أكثر النسخ.
(٢) في (ح) والمنتقى لابن الملّا (النضري) وهو تصحيف.
(٣) «يرفا» غير مهموز ، هكذا ذكره الجمهور ، ومنهم من همزة ، يرفأ ، وهو حاجب عمر بن الخطّاب.
(٤) سورة الحشر ، الآية ٦.
(٥) في طبعة القدسي ٣ / ١٩ «اختارها» وهو تصحيف ، والتصويب من صحيح البخاري.