وقال الزّهري : حدّثني الأعرج أنّه سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «والّذي نفسي بيده لا يقتسم ورثتي شيئا ممّا تركت ، ما تركنا صدقة» (١) فكانت هذه الصّدقة بيد عليّ غلب عليها العبّاس ، وكانت فيها خصومتهما ، فأبى عمر أن يقسمها بينهما حتى أعرض عنها عبّاس فغلبه عليها عليّ ، ثمّ كانت على يدي الحسن (٢) ، ثم كانت بيد الحسين ، ثم بيد عليّ ابن الحسين والحسن بن الحسن ، كلاهما يتداولانها ، ثم بيد زيد ، وهي صدقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حقا.
خبر الرّدّة
لما اشتهرت وفاة النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بالنّواحي ، ارتدّت طوائف كثيرة من العرب عن الإسلام ومنعوا الزّكاة ، فنهض أبو بكر الصّديق رضياللهعنه لقتالهم ، فأشار عليه عمر وغيره أن يفتر عن قتالهم. فقال : والله لو منعوني عقالا أو عناقا (٣) كانوا يؤدّونها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقاتلتهم على منعها ، فقال عمر : كيف تقاتل النّاس وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله فمن قالها عصم منّي ماله ودمه إلّا بحقّها وحسابه على الله» ، فقال أبو بكر : والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصّلاة والزّكاة ، فإنّ الزّكاة حقّ المال وقد قال : إلا بحقها فقال عمر : فو الله ما هو إلّا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنّه الحق (٤) ، فعن
__________________
= (١٧٥٧ / ٤٩) باب حكم الفيء.
(١) رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٦٠) باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا نورث ما تركنا صدقة».
(٢) في المنتقى لابن الملا «بيد الحسن» وهو الأصوب.
(٣) بالفتح ، وهي الأنثى من ولد المعز. (مختار الصحاح).
(٤) أخرجه البخاري في الاعتصام ٨ / ١٤٠ ، ١٤١ باب الاقتداء بسنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومسلم في الإيمان (٢٠) باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله محمد رسول الله ، وأبو داود في الزكاة (١٥٥٦) أول الباب ، والترمذي في الإيمان (٢٧٣٣) أول الباب ، والنسائي في الزكاة ٥ / ١٤ ، ١٥ باب جامع الزكاة. والمطهّر المقدسي في البدء والتاريخ ٥ / ١٥٣ ، والبلاذري في فتوح البلدان ١ / ١١٣.