عروة وغيره قال : فخرج أبو بكر في المهاجرين والأنصار حتّى بلغ نقعا حذاء نجد ، وهربت الأعراب بذراريهم ، فكلّم النّاس أبا بكر وقالوا : ارجع إلى المدينة وإلى الذّرّية والنّساء وأمّر رجلا على الجيش ، ولم يزالوا به حتى رجع وأمّر خالد بن الوليد ، وقال له : إذا أسلموا وأعطوا الصّدقة فمن شاء منكم فليرجع ، ورجع أبو بكر إلى المدينة.
وقال غيره : كان مسيره في جمادى الآخرة فبلغ ذا القصّة (١) ، وهي على بريدين وأميال من ناحية طريق العراق ، واستخلف على المدينة سنانا الضّمري ، وعلى حفظ أنقاب المدينة عبد الله بن مسعود (٢).
وقال ابن لهيعة : أنا أسامة بن زيد عن الزّهريّ ، عن حنظلة بن عليّ اللّيثي ، أنّ أبا بكر بعث خالدا ، وأمره أن يقاتل النّاس على خمس ، من ترك واحدة منهنّ قاتله كما يقاتل من ترك الخمس جميعا. على شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله ، وإقام الصّلاة ، وإيتاء الزّكاة ، وصوم رمضان ، وحجّ البيت.
وقال عروة ، عن عائشة : لو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها (٣) ، اشرأب النّفاق بالمدينة وارتدّت العرب ، فو الله ما اختلفوا في نقطة إلّا طار أبي بحظّها من الإسلام (٤).
وعن يزيد بن رومان أنّ النّاس قالوا له : إنّك لا تصنع بالمسير بنفسك شيئا ، ولا تدري لمن تقصد ، فأمر من تثق به وارجع الى المدينة ، فإنّك
__________________
(١) ذو القصّة : بالفتح وتشديد الصاد. على بريد من المدينة تلقاء نجد. (معجم البلدان ٤ / ٣٦٦).
(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ـ ص ١٠١.
(٣) هاضها : كسرها.
(٤) تاريخ خليفة ـ ص ١٠٢ وفيه : «إلّا طار أبي إلى أعظمها في الإسلام».