فارس ثقيف في زمانه إلّا أنّه كان يدمن الخمر زمانا ، وكان أبو بكر يستعين به ، وقد جلد مرارا ، حتّى إنّ عمر نفاه إلى جزيرة ، فهرب ولحق بسعد بن أبي وقّاص بالقادسيّة ، فكتب عمر إلى سعد فحبسه. فلمّا كان يوم قسّ النّاطف (١) والتحتم القتال سأل أبو محجن من امرأة سعد أن تحلّ قيده وتعطيه فرسا لسعد ، وعاهدها إن سلم أن يعود إلى القيد ، فحلّته وأعطته فرسا فقاتل وأبلى بلاء جميلا ثمّ عاد إلى قيده.
قال ابن جريج : بلغني أنّه حدّ في الخمر سبع مرّات.
وقال أيّوب ، عن ابن سيرين قال : كان أبو محجن لا يزال يجلد في الخمر ، فلمّا أكثر سجنوه ، فلمّا كان يوم القادسيّة رآهم فكلّم أمّ ولد سعد فأطلقته وأعطته فرسا وسلاحا ، فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدقّ صلبه ، فنظر إليه سعد فبقي يتعجّب ويقول : من الفارس؟ فلم يلبثوا أن هزمهم ورجع أبو محجن وتقيّد ، فجاء سعد وجعل يخبر المرأة ويقول : لقينا ولقينا ، حتّى بعث الله رجلا على فرس أبلق لو لا أنّي تركت أبا محجن في القيود لظننت أنّها بعض شمائله ، قالت : والله إنّه لأبو محجن ، وحكت له ، فدعا به وحلّ قيوده وقال : لا نجلدك على خمر أبدا ، فقال : وأنا والله لا أشربها أبدا ، كنت آنف أن أدعها لجلدكم ، فلم يشربها بعد (٢).
__________________
= الثقفي ، وقيل : مالك بن حبيب ، وقيل : عبد الله بن حبيب ، وقيل : اسمه كنيته.
(١) في نسخة دار الكتب «الطائف» وهو تحريف. وهو يوم «أرماث». وفي معجم البلدان ١ / ٢١١ أرماث كأنّه جمع رمث. اسم نبت بالبادية. كان أول يوم من أيام القادسيّة يسمّونه يوم أرماث وذلك في أيام عمر بن الخطاب وإمارة سعد بن أبي وقّاص. وفي المعجم أيضا ٤ / ٩٧ «قسّ الناطف» : موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي كانت به وقعة بين الفرس والمسلمين في سنة ١٣ ه ـ. في خلافة عمر بن الخطاب ، وأمير المسلمين أبو عبيد بن مسعود بن عمرو ، ويعرف هذا اليوم بيوم الجسر.
(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٥٧٥ ، الأغاني ١٩ / ٦ ـ ٨ ، الشعر والشعراء ١ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، أسد الغابة ٥ / ٢٩١.