قيس صنعاء ، فكتب فيروز إلى أبي بكر يستمدّه ، فأمدّه ، فلقوا قيسا فهزموه ثمّ أسروه وحملوه إلى أبي بكر فوبّخه : فأنكر الرّدّة : فعفا عنه أبو بكر (١).
وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال : فسار خالد ـ وكان سيفا من سيوف الله تعالى ـ فأسرع السير حتى نزل ببزاخة ، وبعثت إليه طيِّئ : إن شئت أن تقدم علينا فإنّا سامعون مطيعون ، وإن شئت ، نسير إليك؟ قال خالد : بل أنا ظاعن إليكم إن شاء الله ، فلم يزل ببزاخة ، وجمع له هناك العدوّ بنو أسد وغطفان فاقتتلوا ، حتّى قتل من العدو خلق وأسر منهم أسارى ، فأمر خالد بالحظر (٢) أن تبنى ثمّ أوقد فيها النّيران وألقى الأسارى فيها ، ثم ظعن يريد طيِّئا ، فأقبلت بنو عامر وغطفان والنّاس مسلمين مقرّين بأداء الحقّ ، فقبل منهم خالد.
وقتل في ذلك الوجه مالك بن نويرة التميمي في رجال معه من تميم ، فقالت الأنصار : نحن راجعون ، قد أقرّت العرب بالذي كان عليها ، فقال خالد ومن معه من المهاجرين : قد لعمري آذن لكم ، وقد أجمع أميركم بالمسير إلى مسيلمة بن ثمامة الكذّاب ، ولا نرى أن تفرّقوا على هذه الحال ، فإنّ ذلك غير حسن ، وإنّه لا حجّة لأحد منكم فارق أميره وهو أشدّ ما كان إليه حاجة ، فأبت الأنصار إلا الرجوع ، وعزم خالد ومن معه ، وتخلّفت الأنصار يوما أو يومين ينظرون في أمرهم ، وندموا وقالوا : ما لكم والله عذر عند الله ولا عند أبي بكر إن أصيب هذا الطّرف وقد خذلناهم ، فأسرعوا نحو خالد ولحقوا به ، فسار الى اليمامة (٣) ، وكان مجّاعة بن مرارة (٤) سيّد بني حنيفة خرج في ثلاثة وعشرين فارسا يطلب دماء في بني عامر ، فأحاط بهم المسلمون ، فقتل
__________________
(١) راجع تاريخ الطبري ٣ / ٣٣٠.
(٢) في تاريخ خليفة ـ ص ١٠٣ وسير أعلام النبلاء ١ / ٣٧٢ «حظائر».
(٣) في نجد.
(٤) في المنتقى لابن الملّا «فزارة» وهو وهم.