ونحن في عشرين ألفا. واختلف النّاس على عبد الله بن أبي سرح ، فدخل فسطاطا له فخلا فيه ، ورأيت أنا غرّة من جرجير بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب معه جاريتان تظلّلان عليه بريش الطّواويس ، وبينه وبين جنده أرض بيضاء ليس بها أحد ، فخرجت إلى ابن أبي سرح فندب لي النّاس ، فاخترت منهم ثلاثين فارسا وقلت لسائرهم : البثوا على مصافّكم ، وحملت في الوجه الّذي رأيت فيه جرجير وقلت لأصحابي : احملوا لي ظهري ، فو الله ما نشبت أن خرقت الصّف إليه فخرجت صامدا (١) له ، وما يحسب هو ولا أصحابه إلّا أنّي رسول إليه ، حتّى دنوت منه فعرف الشّر ، فوثب على برذونه وولّى مدبرا (٢) ، فأدركته ثمّ طعنته ، فسقط ، ثمّ دففت عليه بالسّيف ، ونصبت رأسه على رمح وكبّرت ، وحمل المسلمون ، فارفضّ أصحابه من كلّ وجه ، وركبنا أكتافهم (٣).
وقال خليفة (٤) : ثنا من سمع ابن لهيعة يقول : ثنا أبو الأسود ، حدّثني أبو إدريس أنّه غزا مع عبد الله بن سعد إفريقية فافتتحها ، فأصاب كلّ إنسان ألف دينار.
وقال غيره : سبوا وغنموا فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار (٥) ، وفتح الله إفريقية سهلها وجبلها ، ثمّ اجتمعوا على الإسلام وحسنت طاعتهم.
وقسّم ابن أبي سرح ما أفاء الله عليهم وأخذ خمس الخمس بأمر
__________________
(١) في المنتقى لابن الملّا (ساعدا) وهو تحريف.
(٢) في الأصل ومنتقى أحمد الثالث والمنتقى لابن الملّا ، ع ، ح (مبادرا).
(٣) البداية والنهاية ٧ / ١٥٢ وانظر نهاية الأرب ٢٤ / ١٣ ـ ١٧ ، والكامل في التاريخ ٣ / ٨٩ ـ ٩٣ ، والتذكرة الحمدونية ٢ / ٤١٦ ، ٤١٧ رقم ١٠٧٤ ، والبيان المغرب ١ / ١٠ ـ ١٢ ، والعقد الثمين ٥ / ١٥٤ ـ ١٥٥.
(٤) في تاريخه ـ ص ١٦٠.
(٥) فتوح مصر لابن عبد الحكم ١٨٤ ، نهاية الأرب للنويري ٢٤ / ١٦.