عثمان ، وبعث إليه بأربعة أخماسه ، وضرب فسطاطا في موضع القيروان ووفّدوا وفدا (١) ، فشكوا عبد الله فيما أخذ فقال : أنا نقلته ، وذلك إليكم الآن ، فإن رضيتم فقد جاز ، وإن سخطتم فهو ردّ ، قالوا : إنّا نسخطه ، قال : فهو ردّ ، وكتب إلى عبد الله بردّ ذلك واستصلاحهم.
قالوا : فاعزله عنّا. فكتب إليه أن استخلف على إفريقية رجلا ترضاه واقسم ما نفّلتك فإنّهم قد سخطوا ، فرجع عبد الله بن أبي سرح إلى مصر ، وقد فتح الله إفريقية ، فما زال أهلها أسمع النّاس وأطوعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك (٢).
وروى سيف بن عمر ، عن أشياخه ، أنّ عثمان أرسل عبد الله بن نافع ابن الحصين ، وعبد الله بن نافع الفهريّ من فورهما ذلك إلى الأندلس ، فأتياها من قبل البحر ، وكتب عثمان إلى من انتدب إلى الأندلس (٣) : أمّا بعد فإنّ القسطنطينية إنّما تفتح من قبل الأندلس ، وإنّكم إن افتتحتموها كنتم شركاء في فتحها في الأجر ، والسلام (٤). فعن كعب قال : يعبر البحر إلى الأندلس أقوام يفتحونها يعرفون بنورهم يوم القيامة (٥).
قال : فخرجوا إليها فأتوها من برّها وبحرها ، ففتحها الله على المسلمين ، وزاد في سلطان المسلمين مثل إفريقية. ولم يزل أمر (٦) الأندلس كأمر إفريقية ، حتّى أمر هشام فمنع البربر أرضهم.
__________________
(١) هكذا في الأصل ونسخة دار الكتب ، ح ، وفي بعض النسخ (ووفد وفد على عثمان).
(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٢٥٤.
(٣) غند ابن جرير (من أهل الأندلس).
(٤) في نسخة دار الكتب «والسلامة». والمثبت من الأصل وغيره من النسخ ، وتاريخ الطبري ، والوثائق السياسية للدكتور محمد حميد الله ٣٩٦.
(٥) تاريخ الطبري ٤ / ٢٥٥.
(٦) في نسخة دار الكتب «أمراء» في الموضعين ، وهو خطأ على ما في الأصل وغيره.