سنة ثمان وعشرين
قيل في أوّلها (١) غزوة قبرس ، وقد مرّت. فروى سيف ، عن رجاله قالوا : ألحّ معاوية في إمارة عمر عليه في غزو البحر وقرب الرّوم من حمص ، فقال عمر : (٢) إنّ قرية من قرى حمص يسمع أهلها نباح كلابهم وصياح ديوكهم [قالوا : كتب عمر إلى معاوية : إنّا سمعنا أنّ بحر الشام يشرف على أطول شيء على الأرض ، يستأذن الله في كل يوم وليلة في أن يقبض على الأرض فيغرقها ، فكيف أحمل الجنود في هذا البحر الكافر المستعصب ، وتالله لمسلم] (٣) أحبّ إليّ من كلّ ما في البحر ، فلم يزل بعمر حتّى كاد أن يأخذ بقلبه. فكتب عمر إلى عمرو بن العاص أن صف لي البحر وراكبه ، فكتب إليه : إنّي رأيت خلقا كبيرا يركبه خلق صغير ، إن ركد حرّق (٤) القلوب ، وإن تحرّك أزاغ العقول ، يزداد فيه اليقين قلّة ، والشّكّ كثرة ، وهم
__________________
(١) في نسخة دار الكتب ومنتقى أحمد الثالث (أوائلها).
(٢) هكذا في الأصل ، وطبعة القدسي ٣ / ١٨٧ والعبارة مضطربة فيها نقص والصحيح ، «فقال معاوية» ، كما في تاريخ الطبري ٤ / ٢٥٨ و ٢٥٩.
(٣) ما بين الحاصرتين إضافة من الطبري.
(٤) في تاريخ الطبري ٤ / ٢٥٨ «إن ركن خرّق».