__________________
= لقّب الوحي خالدا بلقب «سيف الله» تشريفا له ، أفلا يكون من المحال أن يصف الوحي بهذا اللّقب سفّاكا فاجرا؟! وأمّا أداء الصّدّيق ديته من بيت المال فاقتداء بالمصطفى صلىاللهعليهوسلم فيما فعله في وقعة بني جذيمة تهدئة للخواطر وتسكينا للنفوس في أثناء ثورانها ، مراعاة للأبعد في باب السياسة ، وإنّما عابه على النّكاح في أثناء الحرب على خلاف تقاليد العرب. وأمّا ما يعزى إلى عمر رضياللهعنه من الكلمات القاسية في خالد ، فيكفي في إثبات عدم صحّتها قول عمر عند عزله خالدا : (ما عزلتك عن ريبة) بل لو صحّ ذلك عنه لرماه بالجنادل وقتله رجما بالحجارة ، لأنّ الإسلام لا يعرف المحاباة ...
ولا شكّ أنّ خالدا من أعاظم المجتهدين في علم تعبئة الجيوش وتدبير الحروب فلو تنزّلنا غاية التنزّل وقلنا إنّه أخطأ في قتله ـ وهو شاهد ـ وأصاب من استنكر عمله ـ وهو غائب ـ وجب الاعتراف بأنّ الإثم مرفوع عنه ، وإليه يشير ما يروى عن أبي بكر أنّه قال : هبه يا عمر تأوّل فأخطأ فارفع لسانك عن خالد. على أنّ خالدا أخذ في عمله بالظاهر الراجح فيكون غير متأوّل في الحقيقة ، وليس في استطاعة أحد أن يسوق سندا واحدا صحيحا يصم خالدا بمخالفة الشرع في هذه المسألة ، مع أنّ خبر الآحاد لا يفيد علما في مثل هذا الموضوع ، وهذا المطلب علميّ يحتاج إلى دليل يفيد العلم.
وأمّا أسطورة التأثيف فغير ثابتة لأنّها من مقطوعات ابن شهاب الزّهريّ ، ومراسيله شبه الريح عند يحيى بن سعيد القطّان وغيره ، وسماع ابن عقبة منه ينفيه الحافظ الإسماعيل كما في (أحكام المراسيل) و (تهذيب التهذيب). ويقول ابن معين في محمد بن فليح الراويّ عن ابن عقبة : ليس بثقة ، والزّبير بن بكّار الراويّ عنه كثير المناكير.
وخالد بطل عظيم من أبطال الإسلام ، وقائد عبقريّ له مواقف عظيمة في سبيل الإسلام في مؤتة وبلاد اليمن والشام والعراق ، وبه زال أهل الرّدّة من الوجود ، فتصوير مثله بصورة رجل شهوانيّ سفّاح ممّا ينادى على مصوّرة بالويل والثبور.
ولا يخفى على القارئ الكريم مبلغ سعي أعداء الإسلام في كل دور ، ووجوه تجدّد مكرهم في كلّ طبقة ، فمن ألوان مكرهم في عهد تدوين الروايات اندساس أناس منهم بين نقلة الأخبار متلفعين بغير أزيائهم لترويج أكاذيب بينهم لتشويه سمعة الإسلام وسمعة القائمين بالدعوة إلى الإسلام ، فراجت تلك الأخبار على نقلة لم يؤتوا بصيرة نافذة فخلّدوها في الكتب ، لكنّ الله سبحانه أقام ببالغ فضله جهابذة تضع الموازين القسط لتعرف الأنباء الصّافية العيار من بهرج الأخبار ، فأصبحت شئون الإسلام وأنباء الإسلام في حرز أمين من دسّ الدّساسين عند من يحذق وزنها بتلك الموازين.
ومن رجال كتب السّير محمد بن إسحاق ، وقد كذّبه كثير من أهل النقد ، ومن قوّاه اشترط في رواياته شروطا لا تتوفّر في مواضع الريبة من مروياته ، وروايته زياد البكائي مختلف فيه ، ضعّفه النّسائيّ ، وتركه ابن المديني ، وقال أبو حاتم : لا يحتجّ به ، ومنهم هشام بن محمد الكلبيّ وأبوه ، وهما معروفان بالكذب. ومنهم محمد بن عمر الواقديّ وقد كذّبه أناس ، والذين وثّقوه لا ينكرون أنّ في رواياته كثيرا من الأخبار الكاذبة ، لأنّه كان يروي عمّن هبّ ودبّ ، والخبر لا يسلم ما لم يسلم سنده. ومنهم سيف بن عمر التميميّ ، يقول عنه أبو حاتم : متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقديّ ، وقال الحاكم : اتهم بالزّندقة وهو في الرواية ساقط ، وقال ابن =