سريّة فيهم أبو قتادة ، فساروا يومهم سراعا حتى انتهوا إلى محلّة الحيّ ، فخرج مالك في رهطه فقال : من أنتم؟ قالوا : نحن المسلمون ، فزعم أبو قتادة أنّه قال : وأنا عبد الله المسلم ، قال : فضع السلاح ، فوضعه في اثني عشر رجلا ، فلمّا وضعوا السلاح ربطهم أمير تلك السّريّة وانطلق بهم أسارى ، وسار معهم السّبي حتى أتوا بهم خالدا ، فحدّث أبو قتادة خالدا أنّ لهم أمانا وأنّهم قد ادّعوا إسلاما ، وخالف أبا قتادة جماعة السّريّة فأخبروا خالدا أنّه لم يكن لهم أمان ، وإنّما أسروا قسرا (١) ، فأمر بهم خالد فقتلوا وقبض سبيهم ، فركب أبو قتادة فرسه وسار قبل أبي بكر. فلمّا قدم عليه قال : تعلم أنّه كان لمالك بن نويرة عهد وأنّه ادّعى إسلاما ، وإنّي نهيت خالدا فترك قولي وأخذ بشهادات الأعراب الذين يريدون الغنائم ، فقام عمر فقال : يا أبا بكر إنّ في سيف خالد رهقا ، وإنّ هذا لم يكن حقّا فإنّ حقا عليك أن تقيّده ، فسكت أبو بكر (٢).
ومضى خالد قبل اليمامة ، وقدم متمّم بن نويرة فأنشد أبا بكر مندبة ندب بها أخاه ، وناشده في دم أخيه وفي سبيهم ، فردّ إليه أبو بكر السّبي ، وقال لعمر وهو يناشد في القود : ليس على خالد ما تقول ، هبه تأوّل فأخطأ.
قلت ومن المندبة :
وكنّا كندماني جذيمنة (٣) حقبة |
|
من الدّهر حتّى قيل لن يتصدّعا |
فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكا |
|
لطول اجتماع (٤) لم نبت ليلة معا (٥) |
__________________
(١) في (ع) (قهرا) بدل (قسرا) وكذلك في (ح).
(٢) انظر : تاريخ خليفة ـ ص ١٠٤ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٢٧٨ ، والأغاني ١٥ / ٣٠١ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٣٥٨ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٣٧٧.
(٣) ندمانا جذيمة : هما مالك وعقيل ابنا فارح بن كعب ، نادما جذيمة ، وكانا قد ردّا على ابن أخته عمرو بن عديّ فسألهما حاجتهما فسألاه منادمته ، فكانا نديميه ثم قتلهما. (انظر حاشية رقم (٤) من تاريخ خليفة ـ ص ١٠٥).
(٤) هكذا في الأصل والمصادر المختلفة ، وفي المنتقى لابن الملّا «افتراق» وهو وهم.
(٥) البيتان من جملة أبيات في : الطبقات الكبرى ج ٣ ق ٢ / ٢٧٥ ، الكامل للمبرّد ٣ / ٢٤٢ ،