وقال يزيد بن عميرة : لمّا احتضر معاذ قالوا : أوصنا ، قال : التمسوا العلم عند أربعة : أبي الدّرداء ، وسلمان ، وابن مسعود ، وعبد الله بن سلام (١).
وعن أبي ذرّ أنّه قال : ما أظلّت خضراء أعلم منك يا أبا الدّرداء (٢).
قال أبو عمرو الدّانيّ : عرض على أبي الدّرداء القرآن : عبد الله بن عامر ، وخليد بن سعد القارئ ، وراشد بن سعد ، وخالد بن معدان (٣).
قلت : في عرض هؤلاء عليه نظر.
قال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همّام بن الحارث قال : كان أبو الدّرداء يقرئ رجلا أعجميا فقرأ : (طعام الأثيم) (٤) طعام اليتيم ، فقال أبو الدّرداء : (طعام الأثيم) ، فلم يقدر يقولها ، فقال أبو الدّرداء : «طعام الفاجر» فأقرأه «طعام الفاجر» (٥).
__________________
(١) تاريخ دمشق ١٣ / ٣٧٣ أ.
(٢) تاريخ دمشق ١٣ / ٣٧٣ ب.
(٣) ذكر المؤلّف في معرفة القراء الكبار ١ / ٤١ أن سويد بن عبد العزيز قال : كان أبو الدرداء إذا صلّى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه ، فكان يجعلهم عشرة عشرة ، وعلى كل عشرة عريفا ، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره ، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه ، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك. وكان ابن عامر عريفا على عشرة ، كذا قال سويد ، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر.
وقال المؤلّف في سير أعلام النبلاء ١ / ٣٤٦ بعد أن ساق خبر مجلس العلم لأبي الدرداء : «وهو الّذي سنّ هذه الحلق للقراءة».
(٤) سورة الدخان ـ الآية ٤٣.
(٥) يقول الكوثري : إقامة المرادف مقام اللّفظ المنزل كانت لضرورة وقتيّة نسخت في عهد المصطفى عليه صلوات الله وسلامه بالعرضة الأخيرة المشهورة. قال الإمام الطحاوي في «مشكل الآثار» : إنّما كانت السّعة للنّاس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم ، فوسّع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متّفقا ، فكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب وعادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقدروا بذلك على تحفّظ ألفاظه ، فلم يسعهم حينئذ أن يقرءوا بخلافها. وفي «مشكل الآثار» (ج ٤) تمحيص هذا البحث بما لا تجد مثله في كتاب سواه.