يعني كونه جمع الأمّة على مصحف (١) ـ ، وحمى الحمى (٢) ، واستعمل أقرباءه ، وأعطى مروان مائة ألف (٣) ، وتناول أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال : فردّ عليهم عثمان : أمّا القرآن فمن عند الله ، إنّما نهيتكم عن الاختلاف فاقرءوا عليّ أيّ حرف شئتم ، وأمّا الحمى فو الله ما حميته لإبلي ولا لغنمي ، وإنّما حميته لإبل الصّدقة. وأمّا قولكم : إنّي أعطيت مروان مائة ألف. فهذا بيت ما لهم فليستعملوا عليه من أحبّوا ، وأمّا قولكم : تناول أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فإنّما أنا بشر أغضب وأرضى ، فمن ادّعى قبلي حقّا أو مظلمة فها أنا ذا ، فإن شاء قودا وإن شاء عفوا. فرضي النّاس واصطلحوا ودخلوا المدينة.
وقال محمد بن سعد : قالوا رحل من الكوفة إلى المدينة : الأشتر النّخعيّ ـ واسمه مالك بن الحارث ـ ، ويزيد بن مكفّف (٤) ، وثابت بن قيس ، وكميل بن زياد ، وزيد ، وصعصعة ابنا صوحان ، والحارث الأعور ،
__________________
(١) قال الحافظ ابن العربيّ في (العواصم من القواصم ٥٦ ـ ٥٨) : وأمّا جمع القرآن فتلك حسنته العظمى وخصلته الكبرى ... وأمر بما سواه من القرآن في كلّ صحيفة ومصحف أن يحرّق ، إذ كان في بقائها فساد ، أو كان فيها ما ليس من القرآن ، أو ما نسخ منه ، أو على غير نظمه. وقد سلّم في ذلك الصّحابة كلّهم.
(٢) الحمى كان قديما. وهو مخصّص لإبل الزّكاة المرصدة للجهاد والمصالح العامّة ، وفي زمن سيّدنا عمر اتّسع الحمى عمّا كان عليه في زمن المصطفى صلىاللهعليهوسلم لزيادة سوائم بيت المال ، ثم اتّسع في زمن عثمان لاتّساع الدولة وازدياد الفتوح. (العواصم من القواصم ٦٠).
(٣) بلغت دولة الإسلام في خلافة الشيخين الذّروة ، لأنّهما كانا يكتشفان كوامن السّجايا في أهلها فيولّون القيادة ، وهما يعلمان أنّهما مسئولان عن ذلك عند الله ، ويزيد بن أبي سفيان ومعاوية أخوه كانا من رجال دولة الصّدّيق ، وقبل أن يكون معاوية من رجال دولتي الشيخين كان أحد من استعملهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم. ومروان رجل عدل من كبار الأمّة عند الصّحابة والتابعين. وإعطاء سيّدنا عثمان بعض أقاربه كان من ماله ومن بيت المال ، وهو حقّ شرعيّ للإمام ينفّذ فيه ما أدّاه إليه اجتهاده (انظر العواصم من القواصم وتعليقات الأستاذ محبّ الدين الخطيب عليه ٧١ وما بعدها).
(٤) في طبعة القدسي ٣ / ٢٤٦ «مكنف» والتصحيح من أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٥٣٠.