وعرفوا أنّه خطّ مروان. وسألوه أن يدفع إليهم مروان ، فأبى وكان عنده في الدّار ، فخرجوا من عنده غضابا ، وشكّوا في أمره ، وعلموا أنّه لا يحلف بباطل ولزموا بيوتهم.
وحاصره أولئك حتّى منعوه الماء ، فأشرف يوما فقال : أفيكم عليّ؟ قالوا : لا ، قال : أفيكم سعد؟ قالوا : لا ، فسكت ، ثم قال : ألا أحد يسقينا ماء. فبلغ ذلك عليّا ، فبعث إليه بثلاث قرب فجرح في سببها جماعة حتّى وصلت إليه ، وبلغ عليّا أنّ عثمان يراد قتله فقال : إنّما أردنا منه مروان ، فأمّا عثمان ، فلا ندع أحدا يصل إليه.
وبعث إليه الزّبير ابنه ، وبعث طلحة ابنه ، وبعث عدّة من الصّحابة أبناءهم ، يمنعون الناس منه ، ويسألونه إخراج مروان ، فلمّا رأى ذلك محمد بن أبي بكر ، ورمى النّاس عثمان بالسّهام ، حتّى خضب [الحسن] (١) بالدّماء على بابه ، وأصاب مروان سهم ، وخضب محمد بن طلحة ، وشجّ قنبر مولى عليّ.
فخشي محمد أن يغضب بنو هاشم خال الحسن ، فاتّفق هو وصاحباه ، وتسوّروا من دار ، حتّى دخلوا عليه ، ولا يعلم أحد من أهل الدّار ، لأنّهم كانوا فوق البيوت ، ولم يكن مع عثمان إلّا امرأته. فدخل محمد فأخذ بلحيته ، فقال : والله لو رآك أبوك لساءه مكانك منّي ، فتراخت يده ، ووثب الرجلان عليه فقتلاه ، وهربوا من حيث دخلوا ، ثمّ صرخت المرأة ، فلم يسمع صراخها لما في الدّار من الجلبة. فصعدت إلى النّاس وأخبرتهم ، فدخل الحسن والحسين وغيرهما ، فوجدوه مذبوحا.
وبلغ عليّا وطلحة والزّبير الخبر ، فخرجوا ـ وقد ذهبت عقولهم ـ ودخلوا
__________________
(١) إضافة من تاريخ دمشق ٤٢٣ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ١٦٠.