فرأوه مذبوحا ، وقال عليّ : كيف قتل وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن وضرب صدر الحسين ، وشتم ابن الزّبير ، وابن طلحة ، وخرج غضبان إلى منزله ، فجاء النّاس يهرعون إليه ليبايعوه ، قال : ليس ذاك إليكم ، إنما ذاك إلى أهل بدر ، فمن رضوه فهو خليفة ، فلم يبق أحد من البدريّين إلّا أتى عليّا ، فكان أوّل من بايعه طلحة بلسانه ، وسعد بيده ، ثمّ خرج إلى المسجد فصعد المنبر ، فكان أوّل من صعد طلحة ، فبايعه بيده ، ثمّ بايعه الزّبير وسعد والصّحابة جميعا ، ثمّ نزل فدعا النّاس ، وطلب مروان ، فهرب منه هو وأقاربه.
وخرجت عائشة باكية تقول : قتل عثمان ، وجاء عليّ إلى امرأة عثمان فقال : من قتله؟ قالت : لا أدري ، وأخبرته بما صنع محمد بن أبي بكر. فسأله عليّ ، فقال : تكذب ، قد والله دخلت عليه ، وأنا أريد قتله ، فذكر لي أبي ، فقمت وأنا تائب إلى الله ، والله ما قتلته ولا أمسكته ، فقالت : صدق ، ولكنّه أدخل اللّذين قتلاه (١).
وقال محمد بن عمرو بن علقمة بن وقّاص (٢) ، عن أبيه ، عن جدّه قال : اجتمعنا في دار مخرمة للبيعة بعد قتل عثمان ، فقال أبو جهم بن حذيفة : أمّا من بايعنا منكم فلا يحول بيننا وبين قصاص ، فقال عمّار : أمّا دم عثمان فلا ، فقال : يا بن سميّة ، أتقتصّ من جلدات جلدتهنّ ، ولا تقتصّ من دم عثمان! فتفرّقوا يومئذ عن غير بيعة.
وروى عمر بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه قال : قال مروان : ما كان في القوم أدفع عن صاحبنا من صاحبكم ـ يعني عليّا ـ عن عثمان ، قال :
__________________
(١) الحديث بطوله في : الرياض النضرة ٢ / ١٢٥ ، وتاريخ دمشق ٤٢١ ـ ٤٢٤ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ١٥٧ ـ ١٦١ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ق ٤ ج ١ / ٥٥٦ ـ ٥٦٠ رقم ١٤١٩.
(٢) في منتقى ابن الملا (بن أبي وقّاص) وهو وهم صحّحته من (تهذيب التهذيب ٩ / ٣٧٥).