ألست أمّك؟ ولي عليك حقّ ، فكلّمها ، فقالت : إنّما أريد أن أصلح بين النّاس. فذلك حين خرج ونشر المصحف ، ومشى بين الصّفّين يدعوهم إلى ما فيه ، فجاءه سهم فقتله] (١).
وقال حصين بن عبد الرحمن : قام كعب بن سور فنشر مصحا بين الفريقين ، ونشدهم الله والإسلام في دمائهم ، فما زال حتّى قتل (٢).
وقال غيره : اصطفّ الفريقان ، وليس لطلحة ولا لعليّ رأسي الفريقين قصد في القتال ، بل ليتكلّموا في اجتماع الكلمة ، فترامى أوباش الطّائفتين بالنّبل ، وشبّت نار الحرب ، وثارت النّفوس ، وبقي طلحة يقول : (أيّها النّاس أنصتوا) ، والفتنة تغلي ، فقال : أفّ فراش النّار ، وذئاب طمع ، وقال : اللهمّ خذ لعثمان منّي اليوم حتّى ترضى ، إنّا داهنّا في أمر عثمان ، كنّا أمس يدا على من سوانا ، وأصبحنا اليوم جبلين من حديد ، يزحف أحدنا إلى صاحبه ، ولكنّه كان منّي في أمر عثمان ما لا أرى كفّارته ، إلّا بسفك دمي ، وبطلب دمه (٣).
فروى قتادة ، عن الجارود بن أبي سبرة الهذليّ قال : نظر مروان بن الحكم إلى طلحة يوم الجمل ، فقال : لا أطلب ثأري بعد اليوم ، فرمى طلحة بسهم فقتله (٤).
وقال قيس بن أبي حازم : رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم ، فوقع في ركبته ، فما زال يسحّ حتّى مات (٥). وفي بعض
__________________
(١) ما بين الحاصرتين مستدرك من المنتقى لابن الملّا.
(٢) تاريخ خليفة ١٨٥ ، الأخبار الطوال ١٤٩.
(٣) انظر طبقات ابن سعد ٣ / ٢٢٢ ، أنساب الأشراف (ترجمة الإمام عليّ) ٢٤٧.
(٤) تاريخ خليفة ١٨٥ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٢٢٣ ، أنساب الأشراف (ترجمة الإمام علي) ـ ص ٢٤٦.
(٥) طبقات ابن سعد ٣ / ٢٢٣ ، أنساب الأشراف ٢٤٧ ، المعرفة والتاريخ ٣ / ٣١٢.