أن هلم إلى الأرض المقدّسة ، فكتب إليه : إنّ الأرض لا تقدّس أحدا ، وإنّما يقدّس الإنسان عمله ، وقد بلغني أنّك جعلت طبيبا ، فإن كنت تبرئ فنعمّا لك ، وإن كنت متطبّبا فاحذر أن تقتل إنسانا فتدخل النّار ، فكان أبو الدّرداء إذا قضى بين اثنين ثمّ أدبرا عنه نظر إليهما وقال : متطبّب والله ، ارجعا إليّ أعيدا عليّ قصّتكما (٣).
وقال سليمان بن قرم ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان فقال : لو لا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهانا عن التّكلّف لتكلّفت لكم ، ثمّ جاءنا بخبز وملح ، فقال صاحبي : لو كان في ملحنا صعتر ، فبعث سلمان بمطهرته فرهنها ، وجاء بصعتر ، فلمّا أكلنا قال صاحبي : الحمد لله الّذي قنّعنا بما رزقنا ، فقال سلمان : لو قنعت لم تكن مطهرتي مرهونة (٤).
حبيب بن الشّهيد ، عن ابن بريدة قال : كان سلمان يصنع الطّعام للمجذومين ، ثمّ يجلس فيأكل معهم (٣).
وقال أبو عثمان النّهديّ : كان سلمان لا يفقه كلامه من شدّة عجمته ، وكان يسمّي الخشب خشبان (٤).
__________________
(١) أخرجه مالك في الموطّأ ، في الوصيّة ـ ص ٤٨٠ باب جامع القضاء ، رقم (٨) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٢٠٥ ، وابن عساكر (تهذيب تاريخ دمشق) ٦ / ٢٠٩ ، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ٥٤٨.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٦٠٨٥) ، وابن عساكر (تهذيب تاريخ دمشق) ٦ / ٢١١ ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٨ / ١٧٩ وقال : رجاله رجال الصحيح ، غير محمد بن منصور الطوسي ، وهو ثقة.
(٣) انظر الحاشية رقم (٤) من الصفحة السابقة.
(٤) ذكر أخبار أصبهان ١ / ٥٥ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٢١١.
وقال المؤلّف ـ رحمهالله ـ في سير أعلام النبلاء ١ / ٥٥٢ : «وأنكره أبو محمد بن قتيبة ـ أعني عجمته ـ ولم يصنع شيئا ، فقال : له كلام يضارع كلام فصحاء العرب.