قال : إنّ رسولي الّذي أرسلته إلى الشّام قد قدم عليّ ، وأخبرني أنّ معاوية قد نهد إليكم في أهل الشّام فما الرأي؟ قال : فأضبّ (١) أهل المسجد يقولون : يا أمير المؤمنين الرأي كذا ، الرأي كذا ، فلم يفهم على كلامهم من كثرة من تكلّم ، وكثر اللّغط ، فنزل وهو يقول : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ،) ذهب بها ابن آكلة الأكباد ، يعني معاوية.
وقال الأعمش : حدّثني من رأى عليّا يوم صفّين يصفّق بيديه ويعضّ عليهما ويقول : وا عجبا أعصى ويطاع معاوية.
وقال الواقديّ اقتتلوا أيّاما حتّى قتل خلق وضجروا ، فرفع أهل الشّام المصاحف وقالوا : ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه ، وكان ذلك مكيدة من عمرو بن العاص ، يعني لمّا رأى ظهور جيش عليّ. فاصطلحوا كما يأتي.
وقال الزّهريّ : اقتتلوا قتالا لم تقتتل هذه الأمّة مثله قطّ ، وغلب أهل العراق على قتلى أهل حمص ، وغلب أهل الشّام على قتلى أهل العالية ، وكان على ميمنة عليّ الأشعث بن قيس الكندي ، وعلى الميسرة عبد الله بن عبّاس ، وعلى الرّجّالة عبد الله بن بديل بن ورقاء (٢) الخزاعيّ ، فقتل يومئذ. ومن أمراء عليّ يومئذ الأحنف بن قيس التّيميّ ، وعمّار بن ياسر العنسيّ (٣) وسليمان بن صرد الخزاعيّ ، وعديّ بن حاتم الطّائيّ ، والأشتر النّخعي ، وعمرو بن الحمق الخزاعيّ ، وشبث (٤) بن ربعيّ الرّياحيّ ، وسعيد بن قيس
__________________
(١) في نسخة الدار «فأصب» ، والتصحيح من «النهاية» حيث قال : يقال أضبّوا إذا تكلّموا متتابعا.
(٢) في الأصل «عبد الله بن عبديل بن ورقاء» ، والتصحيح من (شذرات الذهب ١ / ٤٦) وبعض النّسخ.
(٣) في النسخ (العبسيّ) وهو تصحيف.
(٤) في نسخة الدار «شبيب» والتصحيح من بقية النسخ والتبصير بالدّين.