موسى : بل عبد الله بن عمر ، فقال عمرو : أخبرني عن رأيك؟ فقال أبو موسى : أرى أن نخلع هذين الرجلين ، ونجعل هذا الأمر شورى بين المسلمين ، فيختاروا لأنفسهم من أحبّوا.
قال عمرو : الرّأي ما رأيت ، قال : فأقبلا على النّاس وهم مجتمعون بدومة الجندل ، فقال عمرو : يا أبا موسى أعلمهم أنّ رأينا قد اجتمع ، فقال : نعم ، إنّ رأينا قد اجتمع على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر الأمّة ، فقال عمرو : صدق وبرّ ، ونعم النّاظر للإسلام وأهله. فتكلّم يا أبا موسى. فأتاه ابن عبّاس ، فخلا به ، فقال : أنت في خدعة ، ألم أقل لك لا تبدأه وتعقّبه ، فإنّي أخشى أن يكون أعطاك أمرا خاليا ، ثم ينزع عنه على ملأ من النّاس ، فقال : لا تخشى ذلك فقد اجتمعنا واصطلحنا.
ثمّ قام أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أيها النّاس ، قد نظرنا في أمر هذه الأمّة ، فلم نر شيئا هو أصلح لأمرها ولا ألمّ لشعثها من أن لا نغيّر أمرها ولا بعضه ، حتّى يكون ذلك عن رضا منها وتشاور ، وقد اجتمعت أنا وصاحبي على أمر واحد : على خلع عليّ ومعاوية ، وتستقبل الأمّة هذا الأمر فيكون شورى بينهم يولّون من أحبّوا ، وإنّي قد خلعت عليّا ومعاوية ، فولّوا أمركم من رأيتم. ثمّ تأخّر.
وأقبل عمرو فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ هذا قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، وإنّي خلعت صاحبه وأثبت صاحبي معاوية ، فإنّه وليّ عثمان ، والطّالب بدمه ، وأحقّ النّاس بمقامه ، فقال سعد بن أبي وقّاص : ويحك يا أبو موسى ما أضعفك عن عمرو ومكايده ، فقال : ما أصنع به ، جامعني على أمر ، ثمّ نزع عنه ، فقال ابن عبّاس : لا ذنب لك ، الذّنب للّذي قدّمك ، فقال : رحمك الله غدر بي ، فما أصنع : وقال أبو موسى : يا عمرو إنّما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه