يلهث ، فقال عمرو : إنّما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا. فقال ابن عمر : إلى ما صير أمر هذه الأمّة! إلى رجل لا يبالي ما صنع ، وآخر ضعيف (١).
قال المسعوديّ في «المروج» (٢) : كان لقاء الحكمين بدومة الجندل في رمضان ، سنة ثمان وثلاثين ، فقال عمرو لأبي موسى : تكلّم ، فقال : بل تكلّم أنت ، فقال : ما كنت لأفعل ، ولك حقوق كلّها واجبة. فحمد الله أبو موسى (٣) وأثنى عليه ، ثمّ قال : هلمّ يا عمرو إلى أمر يجمع الله به الأمّة (٤) ، ودعا عمرو بصحيفة ، وقال للكاتب : اكتب وهو غلام لعمرو ، وقال : إنّ للكلام أوّلا وآخرا ، ومتى تنازعنا الكلام لم نبلغ آخره حتّى ينسى أوّله ، فاكتب ما نقول ، قال : لا تكتب شيئا يأمرك به أحدنا حتّى تستأمر الآخر ، فإذا أمرك فاكتب ، فكتب : هذا ما تقاضى عليه فلان وفلان. إلى أن قال عمرو : وإنّ عثمان كان مؤمنا ، فقال أبو موسى : ليس لهذا قعدنا ، قال عمرو : لا بدّ أن يكون مؤمنا أو كافرا. قال : بل كان مؤمنا. قال : فمره أن يكتب ، فكتب. قال عمرو : فظالما قتل أو مظلوما؟ قال [أبو موسى : بل قتل مظلوما ، قال] (٥) عمرو : أفليس قد جعل الله لوليّه سلطانا يطلب بدمه؟ قال أبو موسى : نعم ، قال عمرو : فعلى قاتله القتل ، قال : بلى. قال : أفليس لمعاوية أن يطلب بدمه حتّى يعجز؟ قال : بلى ، قال عمرو : فإنّا نقيم البيّنة على أنّ عليّا قتله.
__________________
(١) انظر تاريخ الطبري ٥ / ٦٧ ـ ٧١ ، وأنساب الأشراف (ترجمة الإمام علي) ـ ص ٣٥٠ ، ٣٥١ ، ونهاية الأرب ٢٠ / ١٥٨ ، ١٥٩ ، والأخبار الطوال ١٩٩ ـ ٢٠١.
(٢) مروج الذهب ٢ / ٤٠٦.
(٣) (أبو موسى) زيادة (مروج الذهب ٢ / ٤٠٧).
(٤) في مروج الذهب «الألفة».
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصول ، والاستدراك من مروج الذهب ٢ / ٤٠٨.