قال أبو موسى : إنّما اجتمعنا لله ، فهلمّ إلى ما يصلح الله به أمر الأمّة ، قال : وما هو؟ قال : قد علمت أنّ أهل العراق لا يحبّون معاوية أبدا ، وأهل الشّام لا يحبّون عليّا أبدا ، فهلم نخلعهما معا ، ونستخلف ابن عمر ـ وكان ابن عمر على بنت أبي موسى ـ قال عمرو : أيفعل ذلك عبد الله؟ قال : نعم إذا حمله النّاس على ذلك. فصوّبه عمرو وقال : فهل لك في سعد؟ وعدّد له جماعة ، وأبو موسى يأبى إلّا ابن عمر ، ثمّ قال : قم حتّى نخلع صاحبينا جميعا ، واذكر اسم من تستخلف ، فقام أبو موسى وخطب وقال : إنّا نظرنا في أمرنا ، فرأينا أقرب ما نحقن به الدّماء ونلم به الشّعث خلعنا معاوية وعليّا ، فقد خلعتهما كما خلعت عمامتي هذه ، واستخلفنا رجلا قد صحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنفسه ، وله سابقة : عبد الله بن عمر ، فأطراه ورغب النّاس فيه.
ثمّ قام عمرو فقال : أيّها النّاس ، إنّ أبا موسى قد خلع عليّا ، وهو أعلم به ، وقد خلعته معه ، وأثبّت معاوية عليّ وعليكم ، وإنّ أبا موسى كتب في هذه الصّحيفة أنّ عثمان قتل مظلوما ، وأنّ لوليّه أن يطلب بدمه ، فقام أبو موسى فقال : كذب عمرو ، [لم نستخلف معاوية ، ولكنّا خلعنا معاوية وعليّا معا] (١).
قال المسعوديّ : ووجدت في رواية أنّهما اتّفقا وخلعا عليّا ومعاوية ، وجعلا الأمر شورى ، فقام عمرو بعده ، فوافقه على خلع عليّ ، وعلى إثبات معاوية ، فقال له : لا وفّقك الله ، غدرت. وقنّع شريح بن هانئ (٢) عمرا بالسّوط. وانخذل أبو موسى ، فلحق بمكّة ، ولم يعد إلى الكوفة ، وحلف لا
__________________
(١) ما بين الحاصرتين إضافة من مروج الذهب ٢ / ٤٠٩.
(٢) كذا في المروج وتاريخ الطبري ٥ / ٧١ (شريح بها هانئ) ، وفي النسخ (شريح بن عمرو الهمذاني) ولعلّه سهو ، لأنّ هذا الاسم ورد في حوادث أخرى في هذا السياق.