ينظر في وجه عليّ ما بقي.
ولحق سعد وابن عمر ببيت المقدس فأحرما ، وانصرف عمرو ، فلم يأت معاوية ، فأتاه وهيّأ طعاما كثيرا ، وجرى بينهما كلام كثير ، وطلب الأطعمة ، فأكل عبيد عمرو ، ثمّ قاموا ليأكل عبيد معاوية ، وأمر من أغلق الباب وقت أكل عبيده ، فقال عمرو : فعلتها؟ قال : إي والله بايع وإلّا قتلتك. قال : فمصر ، قال : هي لك ما عشت (١).
وقال الواقديّ : رفع أهل الشّام المصاحف وقالوا : ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه. فاصطلحوا ، وكتبوا بينهما كتابا على أن يوافوا رأس الحول أذرح (٢) ويحكّموا حكمين ، ففعلوا ذلك فلم يقع اتّفاق ، ورجع عليّ بالاختلاف والدّغل من أصحابه ، فخرج منهم الخوارج ، وأنكروا تحكيمه وقالوا : لا حكم إلّا لله ، ورجع معاوية بالألفة واجتماع الكلمة عليه (٣).
ثم بايع أهل الشّام معاوية بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين. كذا قال (٤) :
وقال خليفة وغيره إنّهم بايعوه في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين (٥) ، وهو أشبه ، لأنّ ذلك كان إثر رجوع عمرو بن العاص من التحكيم.
وقال محمد بن الضّحّاك الحزاميّ ، عن أبيه قال : قام عليّ على منبر الكوفة ، فقال : حين اختلف الحكمان : لقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٤١٠ ـ ٤١٢.
(٢) أذرح : بلد في أطراف الشام من أعمال الشراة ، ثم من نواحي البلقاء. (معجم البلدان ١ / ١٢٩).
(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٢.
(٤) في تاريخ الطبري ٥ / ٧١ الاجتماع كان في شعبان.
(٥) تاريخ خليفة ١٩٢.