قلت : وأمّا قولكم إنّه محا اسمه من أمير المؤمنين ، فإنّي أنبئكم عن ذلك : أما تعلمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الحديبيّة جرى الكتاب بينه وبين سهيل بن عمرو ، فقال يا عليّ اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا : لو علمنا أنّك رسول الله ما قاتلناك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فقال اللهمّ إنّك تعلم أنّي رسولك ، ثمّ أخذ الصّحيفة فمحاها بيده ، ثمّ قال : يا عليّ اكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ، فو الله ما أخرجه ذلك من النّبوّة ، أخرجت من هذه؟ قالوا : نعم.
قال : فرجع ثلثهم ، وانصرف ثلثهم ، وقتل سائرهم على ضلالة (١).
قال عوف : ثنا أبو نضرة (٢) ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تفترق أمّتي فرقتين ، تمرق بينهما مارقة تقتلهم ، أولى الطّائفتين بالحقّ» (٣). وكذا رواه قتادة (٤) وسليمان التّيميّ ، عن أبي نضرة.
وقال ابن وهب : أنبأ عمرو بن الحارث ، عن بكير بن الأشجّ ، عن بسر (٥) بن سعيد ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، أنّ الحروريّة لمّا خرجت على عليّ قالوا : لا حكم إلّا لله ، فقال عليّ : كلمة حقّ أريد بها باطل ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصف ناسا إنّي لأعرف صفتهم في هؤلاء الذين يقولون الحقّ بألسنتهم لا يجاوز حناجرهم ـ وأشار إلى حلقه ـ من أبغض خلق الله إليه ،
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٢ وهو بطوله في مجمع الزوائد ٦ / ٢٣٩ ـ ٢٤١ وقال : رواه الطبراني وأحمد ببغضه ، ورجالهما رجال الصحيح. وانظر تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٩٢.
(٢) في ح (نصرة) وهو تصحيف.
(٣) أخرجه مسلم في الزكاة (١٠٦٤ / ١٥٠ و ١٥١ و ١٥٢ و ١٥٣) باب ذكر الخوارج وصفاتهم ، وأبو داود بنحوه في السّنّة (٤٧٦٤) باب في قتال الخوارج ، وأحمد في المسند ٣ / ٣٢ و ٤٨.
(٤) في النسخة (ع) «جنادة» وهو تحريف ، والتصحيح من تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٠٣.
(٥) في منتقى الأحمدية ، ونسخة دار الكتب ، و (ح) «بشر» وهو تصحيف. والتصحيح من النسخة (ع) وتهذيب التهذيب ١ / ٤٣٧.