منهم أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي (١) ، فلمّا قاتلهم عليّ قال : انظروا ، فنظروا فلم يجدوا شيئا ، قال : ارجعوا ، فو الله ما كذبت ولا كذبت ، ثمّ وجدوه في خربة ، فأتوا به حتّى وضعوه بين يديه ،
قال عبيد الله : أنا حاضر ذلك من أمرهم وقول عليّ فيهم (٢) .. وقال يحيى بن سليم ، عن ابن خثيم (٣) ، عن عبيد الله بن عياض ، أنّ عبد الله بن شدّاد بن الهاد دخل على عائشة ونحن عندها ليالي قتل عليّ ، فقالت : حدّثني عن هؤلاء الذين قاتلهم عليّ ، قال : إنّ عليا لمّا كاتب معاوية وحكّم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قرّاء النّاس ـ يعني عبّادهم ـ فنزلوا بأرض حروراء من جانب الكوفة وقالوا : انسلخت من قميص ألبسك الله وحكّمت في دين الله الرّجال ، ولا حكم إلّا لله.
فلمّا بلغ عليّا ما عتبوا (٤) عليه ، جمع أهل القرآن ، ثمّ دعا بالمصحف إماما عظيما ، فوضع بين يديه ، فطفق يحرّكه بيده ويقول : أيّها المصحف حدّث النّاس ، فناداه النّاس ، ما تسأل؟ إنّما هو مداد وورق ، ونحن نتكلّم بما روينا (٥) منه ، فما ذا تريد؟ فقال : أصحابكم الذين خرجوا ، بيني وبينهم كتاب الله تعالى : يقول الله في كتابه : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) (٦) ، فأمّة محمد أعظم حقّا وحرمة من رجل وامرأة ، وذكر الحديث شبه ما تقدّم ، قال : فرجع منهم أربعة آلاف ، فيهم ابن الكوّاء ، ومضى
__________________
(١) في نسخة دار الكتب هنا تصحيف وتحريف ، والتصحيح من مروج الذهب ٢ / ٤١٧ ومجمع الزوائد ٦ / ٢٤٢ ، والنسخة (ح) ، وتاريخ الطبري ٥ / ٨٨.
(٢) انظر مجمع الزوائد ٦ / ٢٤٢ ، ومسند أحمد ١ / ١٣٩ و ١٤٠.
(٣) في مجمع الزوائد ٦ / ٢٣٦ «عيّبوا».
(٤) في المجمع «ما رأينا» بدل «ما روينا».
(٥) : زاد في المجمع «في امرأة ورجل».
(٦) سورة النساء ، الآية ٣٥.