فبايعنا أبا بكر ، وكان لذلك أهلا ، لم يختلف عليه منّا اثنان ، ولم يشهد بعضنا على بعض ، ولم نقطع منه البراءة ، فأدّيت إلى أبي بكر حقّه ، وعرفت له طاعته ، وغزوت معه في جنوده ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي ، فلمّا قبض ، ولّاها (١) عمر ، فأخذ بسنّة صاحبه ، وما يعرف من أمره ، فبايعنا عمر ، لم يختلف عليه منّا اثنان ، ولم يشهد بعضنا على بعض ، ولم نقطع البراءة منه. فأدّيت إلى عمر حقّه ، وعرفت طاعته ، وغزوت معه في جيوشه ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزوا إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي.
فلمّا قبض تذكّرت في نفسي قرابتي وسابقتي وسالفتي وفضلي ، وأنا أظنّ أن لا يعدل بي ، ولكن خشي أن لا يعمل الخليفة بعده ذنبا إلا لحقه في قبره ، فأخرج منها نفسه وولده ، ولو كانت محاباة منه لآثر بها ولده فبرئ منها إلى رهط من قريش ستّة ، أنا أحدهم.
فلمّا اجتمع الرّهط تذكّرت في نفسي قرابتي وسابقتي وفضلي ، وأنا أظنّ أنّ لا يعدلوا بي ، فأخذ عبد الرحمن مواثقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولّاه الله أمرنا ، ثمّ أخذ بيد ابن عفّان فضرب بيده على يده ، فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي ، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري ، فبايعنا عثمان ، فأدّيت له حقّه ، وعرفت له طاعته ، وغزوت معه في جيوشه ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي.
فلمّا أصيب نظرت في أمري ، فإذا الخليفتان اللّذان أخذاها بعهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليهما بالصّلاة قد مضيا ، وهذا الّذي قد أخذ له الميثاق ، قد
__________________
(١) في تاريخ الخلفاء «تولّاها».