الكوفة بعد سعد ، ثمّ عزله عنها ، فقدم المدينة ، ولم يزل بها حتّى بويع عليّ ، فخرج إلى الرّقّة فنزلها ، واعتزل عليّا ومعاوية. وقبره بعين الروحيّة على بريد من الرّقّة ، وولده بالرّقّة إلى اليوم (١).
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسل الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليصدقوه ، فتلقّوه بالصّدقة ، فتوهّم منهم ، ورجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ بني المصطلق قد جمعوا لك ليقاتلوك. فنزلت : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (٢) الآية (٣). وكذا قال قتادة ،
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٦ / ٢٤ ، ٢٥.
(٢) سورة الحجرات ، الآية ٦.
(٣) أخرج أحمد في المسند ٤ / ٢٧٩ ، والطبراني في المعجم الكبير (٣٣٩٥) من طرق ، عن محمد بن سابق ، عن عيسى بن دينار ، عن أبيه ، أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي قال : قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدعاني إلى الإسلام ، فدخلت فيه ، وأقررت به ، فدعاني إلى الزكاة ، فأقررت بها ، وقلت : يا رسول الله أرجع إلى قومي ، فأدعوهم إلى الإسلام ، وأداء الزكاة ، فمن استجاب لي ، جمعت زكاته ، فيرسل إليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم رسولا بأن كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة ، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له ، وبلغ الإبّان الّذي أراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يبعث إليه ، احتبس عليه الرسول ، فلم يأته ، فظنّ الحارث أنّه قد حدث فيه سخطة من الله عزوجل ، ورسوله ، فدعا بسروات قومه فقال لهم : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان وقّت لي وقتا يرسل إليّ رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة ، وليس من رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخلف. ولا أرى حبس رسوله إلّا من سخطة كانت ، فانطلقوا فنأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ، ليقبض ما كان عنده ، مما جمع من الزكاة ، فلما أنّ سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق ، فرق فرجع ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقال : يا رسول الله : إنّ الحارث منعني الزكاة ، وأراد قتلي ، فضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم البعث إلى الحارث ، فأقبل الحارث بأصحابه ، إذ استقبل البعث وفصل من المدينة ، لقيهم الحارث ، فقالوا : هذا الحارث ، فلمّا غشيهم ، قال لهم : إلى من بعثتم؟ قالوا : إليك ، قال : ولم؟ قالوا : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان بعث إليك الوليد بن عقبة ، فزعم أنّك منعته الزكاة ، وأردت قتله ، قال : لا ، والّذي بعث محمدا بالحق ، ما رأيته بتّة ، ولا أتاني فلمّا دخل الحارث على رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «منعت الزكاة ، وأردت قتل رسولي»؟ قال : لا ، والّذي بعثك بالحق ، وما رأيته ولا أتاني ، وما أقبلت إلّا حين احتبس عليّ رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، خشيت أن تكون كانت سخطة من الله عزوجل ورسوله ، قال : فنزلت الحجرات : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ ، فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) ، إلى هذا المكان (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).