(٩٣)
شرح إعراب سورة الضحى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) (٢)
قال الفرّاء (١) (وَالضُّحى) (١) النهار كلّه. قال أبو جعفر : والمعروف عند العرب ما رواه أبو روق عن الضحّاك قال : الضّحى ضحى النهار. قال أبو جعفر : قال محمد بن يزيد : والضّحى يكتب بالألف لا غير ، لأنه من ضحا يضحو. قال أبو جعفر : وقول الكوفيين إنه بالياء لضمّ أوله ، وهذا قول لا يصحّ في معقول ولا قياس لأنه إن كتب على اللفظ فلفظه الألف ، وإن كتب على المعنى فهو راجع إلى الواو وعلى أنه قد حدثنا علي بن سليمان قال : سمعت محمد بن يزيد يقول لا يجوز أن يكتب شيء من ذوات الياء مثل رمى وقضى إلّا بالألف ، والعلة في ذلك بيّنة من جهة المعقول والقياس واللغة ؛ لأنا قد عقلنا أن الكتابة إنما هي نقل ما في اللفظ كما أن اللفظ نقل ما في القلب فإذا قلنا رمى فليس في اللفظ إلّا الألف. فإن قيل : أصلها الياء فكتبها بالياء قيل : هذا خطأ من غير جهة فمنها أنه لو وجب أن تكتب على أصلها لوجب أن تكتب غزا بالواو ؛ لأن أصلها الواو ، وأيضا فقد أجمعوا على أن كتبوا رماه بالألف والألف منقلبة من ياء. وهذه مناقضة ، وأيضا فإن في هذا بابا من الإشكال ؛ لأنه يجوز أن يقال : رمي ثم نقضوا هذا كلّه فكتبوا ذوات الواو بالياء نحو ضحىّ وكسىّ جمع كسوة. قال أبو إسحاق : وهذا معنى كلامه ، وما أعظم هذا الخطأ يعني قولهم : يكتب ذوات الياء بالياء وذوات الواو بالألف ، فلا هم اتّبعوا اللفظ كما يجب في الخط ، ولا هم اتبعوا المصحف فقد كتب في المصحف ما زكي بالياء. قال أبو إسحاق : وأعظم من خطأهم في الخطّ خطؤهم في التثنية ؛ لأنهم يثنّون ربا ربيان ، وهذا مخالف على كتاب الله جلّ وعزّ قال : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ)] الروم : ٣٩] أي فجاء القرآن بالواو وجاءوهم بالياء. قال أبو جعفر : وسمعت
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٧٣.