(١٠٢)
شرح إعراب سورة التكاثر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢)
أصوب ما قيل في معناه أنّ المعنى : ألهاكم التكاثر عن طاعة الله جلّ وعزّ إلى أن صرتم إلى المقابر فدفنتم ، ودلّت هذه الآية على عذاب القبر ؛ لا بعدها (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣) أي إذا صرتم إلى المقابر. وروي عن زرّ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نزل في عذاب القبر ألهاكم التكاثر ، وقرأ إلى (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣) قال الفراء : واحد المقابر مقبرة ومقبرة وبعض أهل الحجاز يقول : مقبرة ، وقد سمعت مشرقة ومشرقة ومشرقة.
(كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٤)
(ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٤) تكرير عند الفراء. وأحسن منه ما قاله الضحاك قال : الأولى للكفار ، وذهب إلى أن الثانية للعصاة من المؤمنين.
(كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (٦)
(كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (٥) مصدر ، وحذف جواب لو. والتقدير : لو تعلمون أنكم ترون الجحيم لمّا تكاثرتم في الدنيا بالأموال وغيرها. قال الكسائي : جواب (لَوْ) في أول السورة أي لو تعلمون علم اليقين ما ألهاكم التكاثر. وقرأ الكسائي (لَتَرَوُنَ) (١) بضمّ التاء. حكاه أبو عبيد عنه ، وقرئ على إبراهيم بن موسى عن محمد بن الجهم عن أبي عبد الرّحمن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قرأ (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) (٢) الأولى بضمّ التاء والثانية بفتحها. قال أبو جعفر : والأولى عند الفرّاء (٣) وأبي عبيد فتحها ، لأن التكرير يكون متفقا. قال أبو جعفر : والأحسن ألا يكون تكريرا ، ويكون المعنى لترونّ الجحيم في موقف القيامة.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٨٢.
(٢) انظر البحر المحيط ٨ / ٥٠٦.
(٣) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٨٨.