الحسين ، فقعد في الطّريق ، فجعل أبو هريرة ينفض التّراب عن قدميه بطرف ثوبه ، فقال الحسين : يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا! فقال : فو الله لو يعلم الناس مثل ما أعلم لحملوك على رقابهم (١).
وقال الإمام أحمد في مسندة (٢) : ثنا محمد بن عبيد ، ثنا شرحبيل بن مدرك ، عن عبد الله بن نجيّ ، عن أبيه أنه سار مع عليّ ، وكان صاحب مطهرته ، فلما حاذى نينوى وهو سائر إلى صفّين فنادى : اصبر أبا عبد الله بشطّ الفرات. قلت : وما ذاك؟ قال دخلت على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وعيناه تفيضان فقال : «قام من عندي جبريل فحدّثني أنّ الحسين يقتل بشطّ الفرات وقال : هل لك أن أشمّك من تربته؟ قلت : نعم. فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عينيّ أن فاضتا». وروى نحوه ابن سعد ، عن المدائني ، عن يحيى بن زكريّا ، عن رجل ، عن الشّعبيّ أنّ عليا قال وهو بشطّ الفرات : صبرا أبا عبد الله ، وذكر الحديث (٣).
وقال عمارة بن زاذان (٤) : ثنا ثابت ، عن أنس قال : استأذن ملك القطر على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في يوم أمّ سلمة فقال : «يا أمّ سلمة احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد» ، فبينا هي على الباب إذ جاء الحسين فاقتحم الباب ودخل ، فجعل يتوثّب على ظهر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فجعل النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يلثمه ، فقال الملك : أتحبّه؟ قال : «نعم» ، قال : فإنّ أمّتك ستقتله ، إن شئت أريتك المكان الّذي يقتل فيه ، قال : «نعم» فجاءه بسهلة (٥) أو تراب أحمر (٦).
__________________
(١) ذكر المؤلّف أول الحديث في (سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٨٧) وهو في تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٢٥.
(٢) ج ١ / ٨٥ ، وأخرجه الطبراني في معجمه ٣ / ١١١ رقم (٢٨١١) ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٨٧ ونسبه إلى البزّار ، وقال : رجاله ثقات ، ولم ينفرد نجيّ بهذا ، وقال المؤلّف : هذا غريب وله شويهد. وذكر الّذي بعده. وتهذيب الكمال ٦ / ٤٠٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٨٨.
(٤) في الأصل «زادان».
(٥) السّهلة : بالكسر ، رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى ١٤٧).
(٦) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٢٤٢ و ٢٦٥ ، والطبراني في المعجم ٣ / ١١٢ رقم (٢٨١٣) =