وقد بلغني أنّ قوما من شيعتكم كاتبوك ، فلا تخرج فإنّي سمعت أباك بالكوفة يقول : والله إني لقد مللتهم ، وأبغضوني وملّوني ، وما بلوت منهم وفاء ، ومن فاز بهم ، فإنّما فاز بالسهم الأخيب ، والله ما لهم ثبات ولا عزم ولا صبر على السيف ، قال : وقدم المسيّب بن نجبة (١) الفزاري وعدّة معه إلى الحسين ، بعد وفاة الحسن ، فدعوه إلى خلع معاوية وقالوا : قد علمنا رأيك ورأي أخيك ، فقال : إني لأرجو أن يعطي الله أخي على نيّته ، وأن يعطيني على نيّتي في حبّي جهاد الظالمين (٢).
وكتب مروان إلى معاوية : إنّي لست آمن أن يكون حسين مرصدا للفتنة ، وأظنّ يومكم من حسين طويلا (٣).
فكتب معاوية إلى الحسين : إنّ من أعطى الله تعالى صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء ، وقد أنبئت أنّ قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق ، وأهل العراق من قد جرّبت ، قد أفسدوا على أبيك وأخيك ، فاتّق الله واذكر الميثاق ، فإنّك متى تكدني أكدك.
فكتب إليه الحسين : أتاني كتابك ، وأنا بغير الّذي بلغك عني جدير ، وما أردت لك محاربة ، ولا عليك خلافا ، وما أظنّ لي عند الله عذرا في ترك جهادك ، وما أعظم فتنة أعظم من ولايتك هذه الأمة (٤).
وقال معاوية : إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا (٥).
رواه بطوله الواقدي ، عن جماعة ، وعن أشياخهم.
وقال جويرية بن أسماء ، عن نافع بن شيبة قال : لقي الحسين معاوية بمكة ، فأخذ بخطام راحلته ، فأناخ به ، ثم سارّه طويلا وانصرف ، فزجر معاوية راحلته ، وقال له يزيد ابنه : لا تزال رجل قد عرض لك ، فأناخ بك ،
__________________
(١) بفتح النون والجيم والموحدة ، على ما في الخلاصة ٣٧٧.
(٢) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٣٠.
(٣) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٣٠.
(٤) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٣٠.
(٥) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٣٠.