روى المفسرون عن عدي بن حاتم قال : أتيت رسول الله وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي : يا عدي اطرح هذا الوثنَ في عنقك قال : فطرحته ثمّ انتهيتُ إليه وهو يقرأ من سورة البراءة هذه الآية (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) حتّى فرغ منها فقلت له : إنّا لسنا نعبدهم فقال : أليس يحرِّمون ما أحل الله فتحرّمونه ، ويُحلّون ما حرّم الله فتستحلونه؟ قال : فقلت : بلى قال : فتلك عبادتهم. (١)
هذا قليل من كثير ممّا يعرب عن عقيدة المشركين القدامى والجدد في حقّ معبوداتهم.
ونختم المقال بشيء من شعر زيد بن عمر بن نوفل الذي أسلم قبل أن يبعث النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ يقول بعد استبصاره معرباً عن عقيدته في الجاهلية :
أرب واحد أم ألف رب |
|
أدين إذا تقسّمت الأُمور |
عزلتُ اللاة والعُزى جميعاً |
|
كذلك يفصل الجلد الصبور |
فلا عُزّى أدين ولا ابنتيها |
|
ولا صنَمَي بني عمرو أزور |
ويقول في شعر آخر :
إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه |
|
إله ولا ربّ يكون مداينا (٢) |
هذه الأشعار وسائر الكلمات المروية عن الأمّة الجاهلية قبل مبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تثبت أمراً واحداً وهو أنّ آلهتهم كانت تتمتع حسب عقيدتهم بقوة غيبة مالكة لها مؤثرة في الكون ومصير الإنسان وانّ هؤلاء آلهة وأرباب والله سبحانه إله الآلهة وربّ الأرباب.
__________________
(١) الطبرسي : مجمع البيان : ٣ / ٢٣ ـ ٢٤.
(٢) الآلوسي : بلوغ الارب ٢ : ٢٤٩