كفاية ونهضة وسياسة بحيث ان الأمير محمد سلم أمره إليه واعتمد عليه في أموره كلها وعمولة الجامعين المشهورين ، ولما مات أوصى إليه ، وطلب الى مصر فدارى ورجع ، وكان فيه حشمة وعقل تام ، وينصر الحنابلة ويذب عنهم ورؤوسهم مرتفعة به ، ووسع مدرسة ابي عمر من جهة الشرق ، وكان مقصدا كثير الصدقات والاحسان الى جيرانه والفقراء والأرامل ، توفي رحمهالله تعالى ليلة الخميس المذكورة بعد ضعف طويل نحو ثلاث سنين ، ومع ذلك كان لا ينقطع من الاشتغال وعمل مصالحه ، ودفن في الروضة ، وترك مالا كثيرا وعدة اولاد صغار وأوصى الى شمس الدين الباعوني زوج اخته انتهى. وهذه التوسعة المذكورة في مدرسة ابي عمر هي المسماة بالجديدة ، وقد وسعها استاذه قبله من حد ايوان الحنفية الى جهة الشرق ، وقد ذكرت في الذيل المذكور في سنة اربع واربعين وثمانمائة وفي يوم الأحد خامس عشر شهر ربيع الأول منها توفي الأمير ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك احد الامراء بدمشق وصلي عليه بجامع دنكز ، فإنه توفي رحمهالله تعالى بالمنيبع وكانت جنازته حافلة ، حضرها النائب والامراء وغالب أهل دمشق ومبارك شاه قاصد شاه رخ ملك العجم ثم حمل الى تربته التي أنشأها بجسر الفجل بميدان الحصى فدفن بها ، وكان ذا عقل تام ودين وافر ، وله مآثر حسنة منها أنه عمّر جامعا لصيق تربته المذكورة ، وجامعا آخر بمحلة مسجد القصب خارج سور دمشق ، وعمّر بمدرسة ابي عمر الجانب الشرقي منها وجاء في غاية الحسن ، وعمر بدرب الحاج بركة تبوك ، وأجرى على الفقراء وعلى الأرامل صدقات كثيرة ، وكان مغرما بالصيد وبالجوارح ماهرا في ذلك ، ثم انه حج ولما وصل إلى المدينة الشريفة على مشرفها افضل الصلاة وأتم السلام أراد المقام بها والتخلف عن الحج لمرض اعتراه ، واستمر متمرضا إلى أن عاد فأوصى الى كاتبه ابن عبد الرزاق ، وجعل النظر في ذلك للقاضي عظيم الدولة زين الدين عبد الباسط وخلف مالا كثيرا ، وترك ولدا أسمر من جارية حبشية اسمه ابراهيم انتهى. ثم قال عز الدين أول من ذكر بها الدرس الشيخ تقي الدين ثم من بعده عز الدين ولده ، ثم من بعد الشيخ شمس الدين الخطيب ثم