ولا يستقيم هذا القول ، الذي نقوله فى القرآن ـ بأنه مصدر التشريع الإسلامى ـ إلّا بفهم سليم صحيح لكتاب الله ، ولا يكون هذا الفهم السليم الصحيح إلا عن طول تأمل وتدبر لكتاب الله ، وتذوق لأساليب بيانه ، ووقوف على بعض أسراره.
وبهذا الفهم لكتاب الله ، يتحقق لنا أمران :
أولهما : اتصالنا بكتاب الله اتصالا وثيقا ، قائما على معرفة به ، وتذوق لجنى طعومه الطيبة ، وهذا مما يجعل لتلاوتنا للقرآن ، أو استماعنا لتلاوته أثرا فى نفوسنا ، ووقعا على قلوبنا ، وتجاوبا مع آدابه ، واستجابة لنداءته .. فيما يدعو إليه ، من أمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر!
وثانيهما : تصور مسائل الدين تصورا واضحا محددا ، بلا ذيول ، ولا معلقات .. وبهذا يعرف المسلم الحكم قاطعا ، فيما أحل الله ، وفيما حرم ، فيكون على بينة من أمره ، فيما يأخذ أو يدع من أمر دينه!
ومن أجل هذا كانت صحبتنا هذه لكتاب الله ، على هذا الوجه ، الذي لا ننظر فيه إلى غير كتاب الله ، وإلى تدبر آياته ، بعيدا عن طنين المقولات الكثيرة التي جاءت إلى القرآن من كل صوب ، وكادت تخفت صوته ، وتغيم على الأضواء السماوية المنبعثة منه! إننا فى صحبتنا هذه للقرآن ، لا نقيم نظرنا على غير كلماته وآياته ، ولا نخط على هذه الصفحات غير ما يسمح لنا به النظر فى كلماته وآياته.
إننا لا نفسر القرآن بالمعنى المعروف للتفسير ، فى هذه الصحبة التي نصحب فيها كتاب الله .. وإنما نحن نرتل آيات الله ترتيلا .. آية آية ، أو آيات آيات .. ثم نقف لحظات نلتقط فيها أنفاسنا المبهورة ، لما تطالعنا به الآية أو الآيات ، من عجب ودهش وروعة ، ثم نمسك القلم ، لنمسك به على الورق بعض