ولن يمسك عليها وجودها فى هذا المقام الكريم إلا رعايتها للقرآن ، وتمسكها به ، واجتماعها عليه ،. ويوم تفتر عزيمتها عن المضي معه ، أو تسترخى يدها عن الشدّ عليه والتعلق به ، يوم يكون ـ ولا كان ـ ردّتها إلى الجاهلية ، وركسها فى الضلال ، ورعيها فى الهمل مع السائمة والهائمة ، من حواشى الأمم ، ونفايات الشعوب!
وتاريخ المسلمين مع القرآن الكريم يشهد لذلك شهادة قائمة على هذا الحساب ، مقدرة بهذا التقدير ، جارية معه .. طردا وعكسا!!
فإنه على قدر ما كان يقترب المسلمون من كتابهم الكريم ، وبقدر ما كانوا يرعون حقّه ، ويؤدون أمانته ـ كان نصيبهم من الخير ، وكان حظهم من السلامة فى أنفسهم ، وأموالهم ، وأوطانهم!
والعكس صحيح .. فإنه على قدر ما كان يبعد المسلمون عن كتابهم ، وبقدر ما يفرّطون فى حقه ، ويستخفوّن بشأنه ـ بقدر ما كان بعدهم عن الخير ، وكان دنوّهم من الخطر ، وتعرّضهم لآفات التفكك والانحلال!
وليس هذا شأن المسلمين وحدهم .. بل هو شأن كل من يدعى إلى الخير فيلقاه معرضا ، أو يصحبه على دخل وجفاء!
وفى واقع الحياة ، وعلى مسرح أحداثها كثير من المثلات والعبر!
بنو إسرائيل مثلا ..
أطعمهم الله خير طعام ، تشتهيه النفس ، وتطيب معه الحياة ، فأنزل عليهم المنّ والسّلوى .. مائدة من السماء .. يجدونها حيث يشاءون ، حاضرة عتيدة بين أيديهم ، لا يتكلفون لها جهدا ، ولا يبذلون من أجلها دانقا أو درهما!!
ومع هذا ، فقد عافت نفوسهم هذا الطعام السماوي .. الطيب الكريم ،