على المسائل الدينية ، فجاءت تلك المسائل على وجوه كثيرة متناقضة متضاربة ، يلطم بعضها وجه بعض ، بحجج تسندها آية من كتاب الله ، متأولة على غير وجهها ، أو حديث ضعيف ، أو أثر مكذوب .. فتجد كل هذه الأقوال منطقا يقيمها ، أو ذكاء يدارى عوارها ، بما دخل المسلمين من مذاهب الجدل والسفسطة ، منذ قيام الدولة العباسية ، واتصال العرب والمسلمين بالثقافات والديانات الأخرى ، التي كانت تصبّ روافدها المتدفقة فى كيان الأمة العربية ، وفى محيط العقل الإسلامى.
وكان من هذا أن تشعبت مسائل الدين بين الطوائف المختلفة ، اختلافا دينيا سياسيا ، والتي انقسمت كل طائفة منها على نفسها ، فكانت فرقا تبلغ المئات عدا .. وقد ذهبت كل فرقة فى الدين مذهبا ، وأقامت لمذهبها حجته من كتاب الله ، وسنة رسول الله .. وهذا هو أفدح ما فى الأمر ، وأشنع ما فى هذا الخلاف!
فالمسألة الواحدة من مسائل الدين ، تأخذ دورة طويلة لا تكاد تنتهى أبدا ، فلا يكاد المسلم يمسك منها بطرف حتى تجره جرا إلى مسائل كثيرة ، تتولد منها وتتفرع ، وتبيض وتفرخ ، وإذا هو أمام عشرات من الصور «المهزوزة» للأمر الواحد ، والمسألة الواحدة .. تتراقص فى محيط تفكيره ، كما يتراقص الشبح فى ضوء مصباح ، عبثت بذبالته الريح .. فى يوم عاصف!
وهذا ما نجده فى كل أمر من أمر ديننا ؛ نرجع فيه إلى الفقه الإسلامى ، الذي صادف تدوينه ، تلك الفترة التي تمزقت فيها الوحدة الإسلامية ، وتمزق معها العقل الإسلامى!
وثانيا : التعويل على هذا الفقه تعويلا كاملا ، وربط المسلمين به ربطا محكما ، حتى لقد أصبح عند كثير من علماء المسلمين ، وفقهائهم ـ على امتداد العصور