الطاغوت ، وأنهم بهذه الولاية للطواغيت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ـ لما ذكر الله هذا الحكم ، لفت النبىّ الكريم إليه سبحانه ، ليريه له الأمثال والشواهد فى الناس ، ثم قدم له سبحانه شاهدين من التاريخ ، ليسكونا مثلين للمؤمنين والكافرين .. أولياء ، الله وأولياء الطاغوت .. والمثل البارز لأولياء الطاغوت هو ذلك الذي حاج إبراهيم فى ربه ، أما المثل الآخر لأولياء الله فهو ذلك الذي مرّ على قرية وهى خاوية على عروشها.
فهذا العطف فى قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي) هو عطف لهذا المثل على المثل السابق .. والتقدير : أتريد يا محمد شاهدا لهذا الحكم الذي حكمت به ، وهو أنى ولىّ الذين آمنوا أخرجهم من الظلمات إلى النور ، وأن الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات؟ أتريد لهذا شاهدا؟ إليك شاهدين أو مثلين ..
أما المثل الأول فتجده فى هذا الذي حاجّ إبراهيم فى ربه ، وقد كان وليّا للطاغوت ، فأخرجه من النور إلى الظلمات.
وأما المثل الثاني فتجده فى ذلك الذي مرّ على قرية وهى خاوية على عروشها .. فهو رجل مؤمن بالله ، وهو يريد أن يستوثق لإيمانه ، ويطلب له المزيد من الأدلة والشواهد ، وليس هذا بالذي يضير المؤمن أو يجور على إيمانه ، مادام حريصا على طلب الحق ، مجتهدا فى السعى إليه ، والبحث عنه ، فإنه بهذه النية المخلصة سيجد العون والتوفيق من الله : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ).
وفى قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها؟) ما يكشف عن مشاعر هذا المؤمن بالله ، حين مرّ بقرية قد اندثرت معالمها ، وخمدت الحياة فيها ، فتمثل له