الموات .. (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (١٠٤ : الأنبياء).
وتنجلى هذه التجربة المثيرة عن إيمان عميق بقدرة الله ، يملأ كيان الرجل كله ، وتندفع به غيوم الشك من صدره ، ويزول دخان الريب من قلبه. (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهذا تصديق لما كان يعلمه من قبل ، وليس إنشاء لعلم جديد. ولكن شتان بين علم وعلم ، وإيمان وإيمان .. (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) (٧٦ : مريم).
وهنا أسئلة :
فأولا : هل هذه حادثة وقعت ، أم هى مثل مضروب للعبرة والعظمة؟.
والذي نقول به هو أن كل قصص القرآن وأمثاله ، وما ورد فى هذا القصص والأمثال من أشخاص وأحداث ، هو من الواقع الذي لا شك فيه ، وإذا كان لنا نحن البشر أن نلجأ إلى الخيال والوهم لننسج منهما قصصا ، وذلك حين يعجز الواقع عن أن يسعفنا بما نتصوره ونتمناه ، فإن قدرة الخالق جلّ وعلا لا يعجزها شىء .. تريد فيقع ما تريد ، كما أرادته ، دون قصور أو مهل ، إنها إرادة لا يخالطها وهم ، ولا يطوف بها خيال ، ولا تعللها الأمانىّ .. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
فالذين يرون أن من قصص القرآن ومن أمثاله ما لا يقع ، إنما يتهمون قدرة الله ، وينسبون إليه ما ينسبون إلى البشر من عجز وقصور.
وثانيا : هل كان الذي حدث للرجل موتا حقيقيا ، أم كان سباتا ونوما طويلا ، كما حدث لأصحاب الكهف؟.
وكلا الأمرين يمكن أن يكون ، مادام ذلك متعلقا بقدرة الله .. وكذلك الشأن فى حماره الذي كان معه!.
على أننا ـ مع هذا ـ نميل إلى القول بأن ما حدث للرجل كان نوما ثقيلا