وقضية الموت والبعث هى القضية الأولى فى باب الإيمان ، وهى الثغرة التي تنفذ منها رميات الشيطان إلى قلوب المؤمنين!
وإبراهيم ـ عليهالسلام ـ فى وثاقة إيمانه ، وقوة يقينه ـ لا عليه إذا هو وجد طريقا إلى مزيد من الإيمان ، حتى يمتلىء به قلبه ، فلا يبقى فيه مكان لم يغمره نور اليقين ، ولم تعمره الطمأنينة ـ لا عليه أن يطلب المزيد حتى يرتوى ريّا لا ظمأ بعده!
وقد وجد أن ألطاف الله تحف به ، ونفحاته ورحماته لا تنقطع عنه ، فهفت نفسه إلى أن يسأل الله هذا السؤال الذي يشهد به جلال الله وعظمته من قريب :
(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى؟) وقد سأل موسى عليهالسلام سؤالا أعظم من هذا ، فقال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) (١٤٣ الأعراف). والسؤال «بكيف» لا يكون جوابه إلا بأن يشهد إبراهيم عملية الإحياء وكيف تتم هذه العملية ، والعناصر التي تعمل فيها .. وأمر كهذا هو فوق مستوى الإدراك البشرى ، إنه سرّ من أسرار الألوهية ، لا يستطيع أحد أن يحتمله ، أو يعرف السبيل إليه.
ومن أجل هذا كان الجواب آخذا اتجاها آخر غير متجه السؤال .. فيه عرض لقدرة الله ، دون كشف عن سرّ هذه القدرة .. وذلك بما رأى إبراهيم بين يديه من تجليات هذه القدرة وآثارها.
وفى قوله تعالى لإبراهيم : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟) إثارة لمشاعر إبراهيم ، واستحضار للإيمان الذي يعقد عليه قلبه .. ولهذا كان جواب إبراهيم : «بلى» أي أنا مؤمن كل الإيمان (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) وتلك درجة فوق درجة الإيمان .. إذ لا سلطان للإنسان على قلبه ، وليس من شأن القلب