أعجز من أن تسعفه بحاجاته التي تمسك عليه حياته .. فهو يلجأ إلى المقرضين بالرّبا ، تحت هذا الظرف القاسي ، فيقدم على القرض بالرّبا مضطرا ، ويحمل هذا العبء الثقيل مكرها ، ليدفع بذلك خطرا داهما ، بتهدده ويتهدد أهله بالموت جوعا ..
ثم إذا جاء الوقت المعلوم لأداء هذا الدّين وما زيد عليه من ربا ، وجد نفسه عاجزا عن الوفاء بالأداء ، فيضطر تحت الحاجة إلى المادّة فى الأجل ، ومضاعفة الدين ..
وهكذا تمضى الأيام ، ويد المدين عاجزة عن الوفاء ، والدين يتضاعف عاما بعد عام ، حتى يبدو وكأنه جبل يجثم على صدر المدين ، فلا يقدر على الحركة إلى أي اتجاه.
فهذه هى صورة المقترض بالرّبا ، يمشى فى الناس وكأنه يحمل ثقلا من الأحجار ينوء به كاهله ، وينحنى منه ظهره ، ويضطرب معه خطوه.
وفى هذا ما فيه من تبعيض فى الرّبا ، وتنفير من التعامل به.
والحق أنه لو امتنع المقترضون بالرّبا عن طرق أبواب المرابين لما وجد هؤلاء المرابون من يتعاملون معه ، ولما تمت هذه الجريمة المنكرة!
وفى قوله تعالى : (لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ) تشبيه للمرابى بالشيطان ، إذ كان مصدر شر يتهدد حياة من يتعامل معه ، ويذهب بمقومات حياته ، ويغتال ثمرة جهده .. وكما أن الشيطان يزيّن للإنسان الشرّ ، ويغريه به ، حتى ليسيل لعابه إلى تلك المنكرات التي يوسوس له بها ، ويرفعها لعينيه فى صورة رائعة معجبة ـ كذلك يفعل المرابى ، بما فى يديه من مال أعدّه للمراباة ، ولوّح به لذوى الحاجات ، فجاءوا إليه ،