لازمة من هذا العرض المبسوط لسلطان الله وقدرته ، يشهد منه أولئك الذين يتخذون من الله أربابا يقولون عنهم إنهم شفعاؤنا عند الله ، ويقولون فيهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (٣ : الزمر) ـ يشهد منه هؤلاء ألّا سلطان لأحد مع سلطان الله ، ولا شفاعة لأحد فى أحد عند الله ، إلا لمن يأذن له الله ، ويرضى له الشفاعة ، فضلا منه وكرما وإحسانا!
وفى قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) إشارة إلى امتداد سلطانه ، وسعته ، ونفوذه إلى كل شىء فى هذا الوجود ، وامتلاكه ناصية كل شىء فيه!.
فالكرسى عادة يحتوى السلطان الجالس عليه ، وهو فى حقيقته ليس إلّا شيئا صغيرا ، لا يشغل إلا حيّزا محدودا مما يقع تحت يد السلطان من ملك.
ولكن كرسىّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو الوجود كلّه ، بل إن الوجود كله ـ فى أرضه وسمائه ، وما تحوى أرضه وسماؤه ـ هو مما يحويه هذا الكرسىّ ، ويشتمل عليه ..
فانظر إلى هذا الكرسي ، الذي يضم فى كيانه الوجود كلّه ، ثم انظر إلى عظمة الله سبحانه وتعالى ، الذي لا يمثل كرسيّه إلا حيزا محدودا من سلطانه ، على نحو ما يمثل كرسىّ صاحب الملك من ملكه .. ولله سبحانه وتعالى المثل الأعلى ، وهو العزيز الحكيم.
____________________________________
الآية : (٢٥٦)
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٥٦)
____________________________________