وقوله تعالى : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) هو ليس قيدا واردا على إطلاق الحرية فى الدّين ، وإنما هو تقرير لبيان الحال من أمر الدعوة الإسلامية ، وهو أنه يجب ألا يطوف حول دعوتها طائف من القهر والقسر ، إذ قد استبانت معالمها ، ووضحت حدودها ، وإن الذي ينظر فى مقرراتها ، وفى شواهدها وآياتها ثم لا يجد الهدى ، ولا يقبل عليه ، فلا سبيل إلى هداه ، ولا جدوى من إيمانه! إنه فى حساب الناس .. لا شىء!.
قوله تعالى : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها).
«الطاغوت» شىء مخيف ، مفزع ، أشبه بالشيطان .. لا تقع عليه العين ، وإنما يصوره الوهم من هذا الاسم الذي يطلق عليه «الطاغوت» ، ويشكلّه من هذه الأحرف المتنافرة التي يتشكل منها اسمه : .. الطاء ، والغين ، والتاء ، يجمعها كيان واحد.
وإن الذي يحترم عقله ، ويكرم إنسانيته ليأبى أن ينقاد للوهم ، ويتعبّد لآلهة من مواليد الباطل والضلال ، إنه يجرى وراء سراب ، ويتعلق بما هو أوهى من خيوط العناكب!.
والموقف الصحيح الذي ينبغى أن يأخذه الإنسان العاقل الرشيد ، هو أن يعلو بعقله فوق هذه الأوهام ، ويرتفع بإنسانيته عن هذا الهوان ، وأن يجعل ولاءه وخضوعه لمن بيده ملكوت السموات والأرض ، رب كل شىء ، وخالق كل شىء .. وبهذا يمسك الإنسان بالسبب الأقوى ، ويعلق بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وبهذا تكتب له النجاة والسلامة.
____________________________________
الآية : (٢٥٧)
(اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ