بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
الأعراب الذين دخلوا فى الإسلام على غير علم أو نظر ، لم يكن لهذا الدين أثر فى نفوسهم ، ولا لشريعته حساب فى ضمائرهم .. إنهم مسلمون ، وليسوا مؤمنين ، كما وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) .. (١٤ : الحجرات)
هؤلاء الأعراب إذا دعوا إلى الإنفاق فى سبيل الله ، بحكم أنهم مسلمون ، تجب عليهم الزكاة ، كما يجب عليهم الجهاد بالمال والنفس فى سبيل الله ـ إذا دعوا إلى الإنفاق لم ينفقوا إلا تحت هذا الحكم الملزم لهم ، لا عن طواعية واختيار ، ولهذا يعدّون ما ينفقون فى هذا الوجه مغرما ، لأنهم أنفقوه فى غير ما يشتهون ، فهم لهذا ينظرون إلى الوجه الذي أنفقوه فيه نظر حقد وكراهية ، ويتربصون بالمسلمين وبالمجاهدين الدوائر ، أي يتمنون لهم الهزيمة والضياع ، حتى لا يكون للإسلام يد عليهم تأخذ من أموالهم ما تأخذ من صدقات ..
والدوائر جمع دائرة ، وهى خط أشبه بالحلقة ، يدور حول نقطة ارتكاز فى وسطه .. وقد استعيرت للشر يقع بالإنسان أو الجماعة ، فى مجال الصراع مع قوة أخرى معادية ، فيقال دارت عليهم الدائرة ، أي هزموا ، وذلك يعنى أنهم قد أطبق عليهم العدوّ وأحكم عليهم إغلاق طريق الإفلات أو الفرار ، فكانوا وكأنّ العدوّ دائرة عليهم.
وقد ردّ الله على المنافقين الذين يتربصون بالمؤمنين الدائرة بقوله : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) .. فقضى الله عليهم هذا القضاء ، وتوعدهم به ، وهو أن الدائرة التي ينتظرونها فى المسلمين ، لن تقع فى المسلمين ، الذين سيكتب الله