القرآن الكريم : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) فذكر المهاجرون أولا ، ثم الأنصار ثانيا ..
وإذا كانت واو العطف النحوية لا تفيد ترتيبا ، ولا تعقيبا ، فإن واو العطف القرآنية ، تفيد ترتيبا وتعقيبا .. هكذا دائما. فى كل مقام وقع فيه العطف بين متعاطفين أو أكثر ..
وأما قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) .. فهو معطوف كذلك على ما قبله عطف نسق ، بمعنى أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوا السابقين من المهاجرين والأنصار ، هم جميعا ممن رضى الله عنهم ورضوا عنه ، وأعدّ لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا .. وإن كان ثمة تفاضل فهو فى الدرجة ، وليس فى الرتبة.
والأنصار أعنى السابقين الأولين منهم ، وهم الذين بايعوا النبىّ بيعتى العقبة. الأولى والثانية قبل الهجرة ، والذين استجابوا له ، وأقاموا المجتمع الإسلامى الأول بالمدينة ، وكانوا حصن الإسلام والمسلمين ـ هؤلاء جديرون بأن يشاركوا المهاجرين الأولين منزلتهم ، وأن يزاحموهم بالمناكب عليها ، وإن كان فضل الله أوسع وأرحب من أن يقع فى رحابه زحام أو صدام ..
وكذلك الذين جاءوا من بعد المهاجرين الأولين والأنصار ، وسلكوا طريقهم ، وساروا سيرتهم ، هم جديرون بأن يلحقوا بهذا الركب الميمون ، وأن يكونوا منه غير بعيد ..
فإذا كانت مع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار آيات النبوّة ، ونفحات النبىّ ، فسبقوا إلى الإيمان ، ودانوا له ، وأعطوه ولاءهم كاملا ، حتى اشتمل عليهم ظاهرا وباطنا ، وكان حريّابهم أن يبلغوا من الصفاء والشفافية واليقين ما بلغوا ، مما تتقطع دونه الأعناق ـ إذا كان ذلك كذلك ، فإن الذين