مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) ..
فكيف تلقون أباكم الآن؟ وكيف تواجهونه بهذا الخبر؟ وهل نسيتم ما كان منكم من يوسف من قبل؟ إنكم إن تكونوا قد نسيتم فإن أباكم لم ينس .. ولقد اتهمكم اتهاما صريحا به ، إذ قال : «لقد (سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً)!
ـ (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) .. فهذا هو الموقف الذي سيتخذه كبيرهم .. إنه لن يبرح هذه الأرض ـ أرض مصر ـ ولن يغادرها ، لأنه لا يستطيع أن يلقى أباه ، وأن يجد العذر الذي يعتذر به إليه! .. وإنه لمقيم هنا إلى أن يعلم أن أباه قد علم الأمر وتحققه ، فغفر له ، وأذن له بالعودة .. أو ينتظر حكم الله فيه ، وتبرئة ساحته مما حدث ..
(ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ).
أي أما أنتم ، فعودوا إلى أبيكم ، وأخبروه الخبر ، كما وقع على مرأى منكم ومسمع .. فذلك أمر قضى الله به ، وليس لنا بما قضى الله به حيلة ، وقد أعطينا الموثق ، ولم نكن ندرى ماوراء الغيب (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) ولو كنا ندرى ما وقع لما أعطينا أبانا ما أعطينا من ميثاق.
(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ) .. ثم قولوا لأبيكم : إن كنت لا تصدق ما نقول ، فاسأل أهل القرية التي كنا فيها ، أي مصر ، فإن عزّ عليك ذلك ، ولم تجد فى نفسك القدرة على السّفر لترى بعينك ما حدّثناك به ، فهناك الركب الذي كان معنا من أبناء كنعان ، الذين أقبلوا معنا من مصر بعد أن أخذوا حاجتهم منها كما أخذنا .. هؤلاء هم