بها عليه .. فيحدّث بنعمة ربّه ، ويسبّحه بها ، ويحمده عليها ، ويستزيده من فضله ، بأن يتم تلك النعمة عليه ، وأن يتوفاه على دين الإسلام ، وأن يلحقه بالصالحين من عباده .. فذلك هو الذي يجعل لتلك النعم مساغا فى فمه ، وطعما هنيئا فى حياته!.
وإلى هنا تنتهى قصة «يوسف» التي كانت السورة كلها تقريبا معرضا لها ، وحديثا عنها ..
ويلاحظ أنّ قصّة «يوسف» ـ على خلاف القصص القرآنى كلّه ـ جاءت فى معرض واحد ، لم يذكر معها غيرها من قصص الأنبياء ، ولم تذكر هى فى معرض آخر ، ولم يجر عن يوسف حديث فى غير هذه السورة ، اللهم إلا أن يذكر اسمه مع جماعة الأنبياء ، ذكرا لا يراد منه إلا تعداد أسمائهم ، أو مجرد الإشارة إلى قصته ، للعبرة والعظة!.
ولعلّ الحكمة فى هذا هى أن هذه القصة تعتبر حدثا واحدا ، هو رحلة عبر الزمن ، للإنسان من مولده إلى مماته ، وعلى طريق هذه الرحلة تقوم سدود ، وتهبّ أعاصير ، ولكن يد اللطف والقدرة تبلغ بهذا الإنسان مأمنه ، وتخرجه من تلك التجربة التي عانى فيها الشدائد والأهوال ـ جوهرا صافيا ، وإنسانا عظيما يمسك بكلتا يديه خير الدنيا والآخرة جميعا ..
ولو أن هذه القصّة صنع بها ما فى القصص القرآنى ، فعرضت فى أكثر من معرض لتمزقت وحدة الشخصية التي هى العمود الفقرى للقصة.
ومن جهة أخرى ، فإن القصة وقد اصطبغت من أولها بلون الدم ثم كان ختامها الأمن والسلامة ـ فقد كان مما يتفق وتطلعات النفوس أن تجىء القصّة هكذا كيانا واحدا ، يجمع بين بدئها وختامها.
ومع هذا ، فلو جاء بها القرآن على نسق القصص القرآنية الأخرى ،