التفسير :
بدأت السورة بخطاب النبي صلىاللهعليهوسلم. بقوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) .. ثم ما كاد النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يفتح قلبه لتلقّى ما يوحى إليه من ربّه من قصص ، حتى وجد نفسه مع قصة يوسف عليهالسلام ، فصغا بقلبه ، وروحه إليها ..
وفى نغم علوىّ ، وبيان ربانىّ ، جرت أحداث القصة ، وترددت أصداؤها فى كيان الرسول الكريم ، وانسكب نميرها فى وجدانه ، قطرة قطرة ، حتى إذا بلغت نهايتها ، كان قد ارتوى ، وانتعش ، ووجد برد الراحة فى هذه الواحة الظليلة التي يستروح فيها أرواح العافية ، بعد أن أضناه السير ، وأضرت به لفحات السّموم ، التي تهب عليه من المشركين ، من سفهاء قريش وحمقاها!
ففى أفياء هذه الواحة الظليلة ، وعلى خطوات هذه الرحلة الطويلة يستعرض الرسول الكريم ما يجرى بينه وبين قومه وأهله ، وما يكيدون له من كيد ، وما يرمونه من ضرّ ، لا لشىء إلّا لأنه يدعوهم إلى الخير ، ويمدّ إليهم يده بالهدى ـ فيرى أن أخا له من أنبياء الله ، قد كيد له هذا الكيد العظيم ، من إخوته ، وطرح به فى مطارح الهلاك ، بيد أبناء أبيه ، فلطف الله به ونجّاه من تلك الكروب ، ثم مكّن له فى الأرض ، وبسط يده وسلطانه على هؤلاء الذين مكروا به ، وكادوا له! وتلك هى عاقبة الصّابرين المتقين!
فليهنأ النبىّ الكريم إذن ولينظر ما يفتح الله له من رحمة ، وما يسوق إليه من فضل .. فإن العاقبة له ، والخزي والخذلان على الكافرين!
وإنه ما يكاد الرسول الكريم يمسك بأطراف هذه القصة ، ويردّد النظر فيها ، حتى يجد الرفيق الذي يصحبه ، ويقيم نظره على تلك القصّة ، ويشير له إلى مواقع العبرة والعظة منها .. وإذا كلمات الله تلقاه بهذا الخطاب الذي يلفته إلى